معظمها، ولكن الذي في أكثر الكتب الاقتصار على ما في الهداية، فهذا مجموع ما أفتى به المتأخرون من مشايخنا وهم البلخيون على خلاف في بعضه، مخالفين ما ذهب إليه الامام وصاحباه، وقد اتفقت كلمتهم جميعا في الشروح والفتاوى على التعليل بالضرورة وهي خشية ضياع القرآن كما في الهداية، وقد نقلت لك ما في مشاهير متون المذهب الموضوعة للفتوى فلا حاجة إلى نقل ما في الشروح والفتاوى، وقد اتفقت كلمتهم جميعا على التصريح بأصل المذهب من عدم الجواز، ثم استثنوا بعده ما علمته فهذا دليل قاطع وبرهان ساطع على أن المفتى به ليس هو جواز الاستئجار على كل طاعة، بل على ما ذكروه فقط مما فيه ضرورة ظاهرة تبيح الخروج عن أصل المذهب من طرو المنع، فإن مفاهيم الكتب حجة ولو مفهوم لقب على ما صرح به الأصوليون بل هو منطوق، فإن الاستثناء من أدوات العموم كما صرحوا به أيضا. وأجمعوا على أن الحج عن الغير بطريق النيابة لا الاستئجار، ولهذا لو فضل مع النائب شئ من النفقة يجب عليه رده للأصيل أو ورثته، ولو كان أجره لما وجب رده، فظهر لك بهذا عدم صحة ما في الجوهرة من قوله. واختلفوا في الاستئجار على قراءة القرآن مدة معلومة:
قال بعضهم: لا يجوز، وقال بعضهم: يجوز وهو المختار اه. والصواب أن يقال على تعليم القرآن، فإن الخلاف فيه كما علمت لا في القراءة المجردة فإنه لا ضرورة فيها، فإن كان ما في الجوهرة سبق قلم فلا كلام، وإن كان عن عمد فهو مخالف لكلامهم قاطبة فلا يقبل.
وقد أطنب في رده صاحب تبيين المحارم مستندا إلى النقول الصريحة: فمن جملة كلامه قال تاج الشريعة في شرح الهداية: إن القرآن بالأجرة لا يستحق الثواب لا للميت ولا للقارئ، وقال العيني في شرح الهداية: ويمنع القارئ للدنيا، والآخذ والمعطي آثمان.
فالحاصل: أن ما شاع في زماننا من قراءة الاجزاء بالأجرة لا يجوز، لان فيه الامر بالقراءة وإعطاء الثواب للآمر والقراءة لأجل المال، فإذا لم يكن للقارئ ثواب لعدم النية الصحيحة فأين يصل الثواب إلى المستأجر، ولولا الأجرة ما قرأ أحد لاحد في هذا الزمان، بل جعلوا القرآن العظيم مكسبا ووسيلة إلى جمع الدنيا. إنا لله وإنا إليه راجعون. اه. وقد اغتر بما في الجوهرة صاحب البحر في كتاب الوقف وتبعه الشارح في كتاب الوصايا حيث يشعر كلامها بجواز الاستئجار على كل الطاعات ومنها القراءة. وقد رده الشيخ خير الدين الرملي في حاشية البحر في كتاب الوقف حيث قال: أقول: المفتى به جواز الاخذ استسحانا على تعليم القرآن لا على القراءة المجردة، كما صرح به في التاترخانية حيث قال: لا معنى لهذه الوصية ولصلة القارئ بقراءته، لان هذا بمنزلة الأجرة والإجارة في ذلك باطلة، وهي بدعة ولم يفعلها أحد من الخلفاء، وقد ذكرنا مسألة تعليم القرآن على استحسان اه: يعني للضرورة، ولا ضرورة في الاستئجار على القراءة على القبر. وفي الزيلعي وكثير من الكتب: ولو لم يفتح لهم باب التعليم بالاجر لذهب القرآن فأفتوا بجوازه ورأوه حسنا، فتنبه اه كلام الرملي.
وما في التاترخانية فيه رد على من قال: لو أوصى لقارئ يقرأ على قبره بكذا ينبغي أن يجوز على وجه الصلة دون الاجر، وممن صرح ببطلان هذه الوصية صاحب الولوالجية والمحيط والبزازية، وفيه رد أيضا على صاحب البحر حيث علل البطلان بأنه مبني على القول بكراهة القرآن على القبر وليس كذلك، بل لما فيه من شبه الاستئجار على القراءة كما علمت، وصرح به في الاختيار وغيره، ولذا قال في الولوالجية ما نصه: ولو زار قبر صديق أو قريب له وقرأ عنده شيئا من القرآن فهو حسن، أما