حاشية رد المحتار - ابن عابدين - ج ٦ - الصفحة ٣٤١
الوصية بذلك فلا معنى لها، ولا معنى أيضا لصلة القارئ، لان ذلك يشبه استجاره على قراءة القرآن وذلك باطل، ولم يفعل ذلك أحد من الخلفاء اه‍. إذ لو كانت العلة ما قاله لم يصح قوله هنا فهو حسن، وممن أفتى ببطلان هذه الوصية الخير الرملي كما هو مبسوط في وصايا فتاواه، فراجعها.
ونقل العلامة الحلواني في حاشية المنتهى الحنبلي عن شيخ الاسلام تقي الدين ما نصه: ولا يصح الاستئجار على القراءة وإهدائها إلى الميت، لأنه لم ينقل عن أحد من الأئمة الاذن في ذلك. وقد قال العلماء: إن القارئ إذا قرأ لأجل المال فلا ثواب له فأي شئ يهديه إلى الميت؟ وإنما يصل إلى الميت العمل الصالح، والاستئجار على مجرد التلاوة لم يقل به أحد من الأئمة، وإنما تنازعوا في الاستئجار التعليم اه‍ بحروفه. وممن صرح بذلك أيضا الامام البركوي قدس سره في آخر الطريقة المحمدية.
فقال: الفصل الثالث في أمور مبتدعة باطلة أكب الناس عليها على ظن أنها قرب مقصودة، إلى أن قال: ومنها الوصية من الميت باتخاذ الطعام والضيافة يوم موته أو بعده وبإعطاء دراهم لمن يتلو القرآن لروحه أو يسبح أو يهلل له، وكلها بدع منكرات باطلة، والمأخوذ منها حرام للآخذ، وهو عاص بالتلاوة والذكر لأجل الدنيا اه‍ ملخصا. وذكر أن له فيها أربع مسائل.
فإذا علمت ذلك ظهر لك حقيقة ما قلناه، وأن خلافه خارج عن المذهب، وعما أفتى به البلخيون وما أطبق عليه أئمتنا متونا وشروحا وفتاوى، ولا ينكر ذلك إلا غمر مكابر أو جاهل لا يفهم كلام الأكابر، وما استدل به بعض المحشين على الجواز بحديث البخاري في اللديغ فهو خطأ، لان المتقدمين المانعين الاستئجار مطلقا جوزوا الرقية بالأجرة ولو بالقرآن كما ذكره الطحاوي، لأنها ليست عبادة محضة بل من التداوي. وما نقل عن بعض الهوامش وعزي إلى الحاوي الزاهدي من أنه لا يجوز الاستئجار على الختم بأقل من خمسة وأربعين درهما فخارج عما اتفق عليه أهل المذهب قاطبة.
وحينئذ فقد ظهر لك بطلان ما أكب عليه أهل العصر من الوصية بالختمات والتهاليل مع قطع النظر عما يحصل فيها من المنكرات التي لا ينكرها إلا من طمست بصيرته، وقد جمعت فيها رسالة سميتها (شفاء العليل وبل الغليل في حكم الوصية بالختمات والتهاليل) وأتيت فيها بالعجب العجاب لذوي الألباب، وما ذكرته هنا بالنسبة إليها كقطرة من بحر أو شذرة من عقد نحر، وأطلعت عليها محشي هذا الكتاب فقيه عصره ووحيد دخر، السيد أحمد الطحاوي مفتي مصر سابقا، فكتب عليها وأثنى الثناء الجميل، فالله يجزيه الخير الجزيل، وكتب عليها غيره من فقهاء العصر. قوله: (فسدت في الكل) ويجب أجر المثل لا يجاوز به المسمى. زيلعي. قوله: (بجزء من عمله) أي ببعض ما يخرج من عمله، والقدرة على التسليم شرط وهو لا يقدر بنفسه. زيلعي. قوله: (عن قفيز الطحان) وهو المسألة الثالثة التي ذكرها المصنف كما ذكره الزيلعي. قوله: (والحيلة أن يفرز الاجر أولا) أي ويسلمه إلى الأجير، فلو خلطه بعد وطحن الكل ثم أفرز الأجرة ورد الباقي جاز، ولا يكون
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الشهادات 3
2 باب القبول وعدمه 15
3 باب الاختلاف في الشهادة 37
4 باب الشهادة على الشهادة 44
5 باب الرجوع عن الشهادة 50
6 كتاب الوكالة 56
7 باب الوكالة بالبيع والشراء 63
8 باب الوكالة بالخصومة والقبض 78
9 باب عزل الوكيل 86
10 كتاب الدعوى 92
11 باب التحالف 111
12 باب دعوى الرجلين 123
13 باب دعوى النسب 135
14 كتاب الاقرار 144
15 باب الاستثناء وما معناه 162
16 باب إقرار المريض 167
17 فصل في مسائل شتى 179
18 كتاب الصلح 188
19 كتاب المضاربة 208
20 باب المضارب يضارب 215
21 كتاب الايداع 227
22 كتاب العارية 243
23 كتاب الهبة 255
24 باب الرجوع في الهبة 268
25 كتاب الإجارة 283
26 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها أي في الإجارة 309
27 باب الإجارة الفاسدة 328
28 باب ضمان الأجير 348
29 باب فسخ الإجارة 362
30 مسائل شتى 375
31 كتاب المكاتب 386
32 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله 391
33 باب كتاب العبد المشترك 400
34 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 402
35 كتاب الولاء 410
36 كتاب الاكراه 420
37 كتاب الحجر 436
38 كتاب المأذون 450
39 كتاب الغصب 475
40 كتاب الغصب 475
41 كتاب الشفعة 518
42 باب طلب الشفعة 526
43 باب ما تثبت هي فيه أو لا تثبت 540
44 باب ما يبطلها 544
45 كتاب القسمة 559
46 كتاب المزارعة 582
47 كتاب الذبائح 604
48 كتاب الأضحية 624
49 كتاب الحظر والإباحة 651
50 باب الاستبراء وغيره 691
51 كتاب إحياء الموات 754