انه لا يجوز القضاء بشهادة من ليس من أهل الشهادة كالصبي والمجنون والمملوك الا انه لا تقبل شهادة الأعمى في سائر المواضع لأنه لا يميز بين المشهود له والمشهود عليه لا لأنه ليس من أهل الشهادة ثم هذه الشرائط كما هي شرط وجوب اللعان فهي شرط صحة اللعان وجوازه حتى لا يجرى اللعان بدونها وعند الشافعي يجرى اللعان بين المملوكين والأخرسين والمحدودين في القذف لان هؤلاء من أهل اليمين فكانوا من أهل اللعان وكذا بين الكافرين لان يمين الكافر صحيحة عنده لا من أهل الاعتاق والكسوة والاطعام ولهذا قال يجوز ظهار الذمي وعلى هذا يخرج قول أبي حنيفة وأبى يوسف انهما إذا التعنا عند الحاكم ولم يفرق بينهما حتى عزل أو مات فالحاكم الثاني يستقبل اللعان بينهما لان اللعان لما كان شهادة فالشهود إذا شهدوا عند الحاكم فمات أو عزل قبل القضاء بشهادتهم لم يعتد الحاكم بتلك الشهادة وعند محمد لا يستقبل اللعان وقوله لا يخرج على هذا الأصل ولكن الوجه له ان اللعان قائم مقام الحد فإذا التعنا فكأنه أقيم الحد والحد بعد اقامته لا يؤثر فيه العزل والموت والجواب ان حكم القذف لا يتناهى الا بالتفريق فيؤثر العزل والموت قبله ثم ابتداء الدليل لنا في المسألة ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أربعة لا لعان بينهم وبين أزواجهم لا لعان بين المسلم والكافرة والعبد والحرة والحر والأمة والكافر والمسلمة وصورته الكافر أسلمت زوجته فقبل ان يعرض الاسلام على زوجها قذفها بالزنا (ولنا) أصل آخر لتخريج المسائل عليه وهو ان كل قذف لا يوجب الحد لو كان القاذف أجنبيا لا يوجب اللعان إذا كان القاذف زوجا لان اللعان موجب القذف في حق الزوج كما أن الحد موجب القذف في الأجنبي وقذف واحد ممن ذكرنا لا يوجب الحد لو كان أجنبيا فإذا كان زوجا لا يوجب اللعان وابتداء ما يحتج به الشافعي عموم آية اللعان الا من خص بدليل ولا حجة له فيها لان الله تعالى سمى الذين يرمون أزواجهم شهداء في آية اللعان واستثناهم من الشهداء المذكورين في آية القذف ولم يدخل واحد ممن ذكرنا في المستثنى منهم فكذا في المستثنى لان الاستثناء استخراج من تلك الجملة وتحصيل منها وأما الذي يرجع إلى المقذوف به والمقذوف فيه ونفس القذف فنذكره في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى (فصل) وأما بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان وهو القذف عند القاضي فسبب ظهور القذف نوعان أحدهما البينة إذا خاصمت المرأة فأنكر القذف والأفضل للمرأة ان تترك الخصومة والمطالبة لما فيها من إشاعة الفاحشة وكذا تركها من باب الفضل والاكرام وقد قال الله تعالى ولا تنسوا الفضل بينكم فإن لم تترك وخاصمته إلى القاضي يستحسن للقاضي ان يدعوهما إلى الترك فيقول لها اتركي وأعرضي عن هذا لأنه دعاء إلى ستر الفاحشة وانه مندوب إليه فان تركت وانصرفت ثم بدا لها ان تخاصمه فلها ذلك وان تقادم العهد لان ذلك حقها وحق العبد لا يسقط بالتقادم فان خاصمته وادعت عليه انه قذفها بالزنا فجحد الزوج لا يقبل منها في اثبات القذف الا بشهادة رجلين عدلين ولا تقبل شهادة النساء ولا الشهادة على الشهادة ولا كتاب القاضي إلى القاضي كما لا يقبل في اثبات القذف على الأجنبي لان اللعان قائم مقام حد القذف وأسباب الحدود ولا يقبل في اثباتها شهادة النساء على النساء ولا الشهادة على الشهادة ولا كتاب القاضي إلى القاضي لتمكن زيادة شبهة ليست في غيرها والحدود وتدرأ بالشبهات والثاني الاقرار بالقذف وشرط ظهور القذف بالبينة والاقرار هو الخصومة والدعوى لما نذكر في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى (فصل) وأما بيان ما يسقط اللعان بعد وجوبه وبيان حكمه إذا سقط أو لم يجب أصلا فنقول وبالله التوفيق كل ما يمنع وجوب اللعان إذا اعترض بعد وجوبه يسقط كما إذا جنى بعد القذف أو جن أحدهما أو ارتدا أو ارتد أحدهما أو خرسا أو خرس أحدهما أو قذف أحدهما انسانا فحد حد القذف أو وطئت المرأة وطأ حراما فلا يجب عليه الحد وكذا إذا أبانها بعد القذف فلا حد ولا لعان أما عدم وجوب الحد فلان القذف أوجب اللعان فلا يوجب الحد وأما عدم وجوب اللعان فلزوال الزوجية وقيام الزوجية شرط جريان اللعان لان الله سبحانه
(٢٤٣)