لا يرتفع الا بالكفارة فإذا تعدد التحريم تتعد الكفارة بخلاف الايلاء لان الكفارة ثمة تجب لحرمة اسم الله تعالى جبرا لهتكه والاسم اسم واحد فلا تجب الا كفارة واحدة وكذا إذا ظاهر من امرأة واحدة بأربعة أقوال يلزمه أربع كفارات لأنه أتى بأربع تحريمات ولو ظاهر من امرأة واحدة في مجلس واحد ثلاثا أو أربعا فإن لم يكن له نية فعليه لكل ظهار كفارة لان كل ظهار يوجب تحريما لا يرتفع الا بالكفارة فان قيل إنها إذا حرمت بالظهار الأول فكيف تحرم بالثاني وانه اثبات الثابت وانه محال ثم هو غير مفيد فالجواب أن الثاني إن كان لا يفيد تحريما جديدا فإنه يفيد تأكيد الأول فلئن تعذر اظهاره في التحريم أمكن اظهاره في التكفير فكان مفيدا فائدة التكفير وان نوى به الظهار الأول فعليه كفارة واحدة لان صيغته الخبر وقد يكرر الانسان اللفظ على إرادة التغليظ والتشديد دون التجديد والظهار لا يوجب نقصان العدد في الطلاق لأنه ليس بطلاق ولا يوجب البينونة وان طالت المدة لأنه لا يوجب زوال الملك وإنما يحرم الوطئ قبل التكفير مع قيام الملك وان جامعها قبل أن يكفر لا يلزمه كفارة أخرى وإنما عليه التوبة والاستغفار ولا يجوز له أن يعود حتى يكفر لما روينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لذلك الرجل الذي ظاهر من امرأته فواقعها قبل أن يكفر استغفر الله ولا تعد حتى تكفر فأمره صلى الله عليه وسلم بالاستغفار لما فعل لا بالكفارة ونهاه صلى الله عليه وسلم عن العود إليه الا بتقديم الكفارة عليه والله عز وجل أعلم (فصل) وأما بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل فحكم الظهار ينتهى بموت أحد الزوجين لبطلان محل حكم الظهار ولا يتصور بقاء الشئ في غير محله وينتهى بالكفارة بالوقت إن كان موقتا وبيان ذلك ان الظهار لا يخلو اما إن كان مطلقا واما إن كان موقتا فالمطلق كقوله أنت على كظهر أمي وحكمه لا ينتهى الا بالكفارة لقوله صلى الله عليه وسلم لذلك المظاهر استغفر الله ولا تعد حتى تكفر نهاه عن الجماع ومد النهى إلى غاية التكفير فيمتد إليها ولا يبطل ببطلان ملك النكاح ولا ببطلان حل المحلية حتى لو ظاهر منها ثم طلقها طلاقا بائنا ثم تزوجها لا يحل له وطؤها والاستمتاع بها حتى يكفر وكذا إذا كانت زوجته أمة فظاهر منها ثم اشتراها حتى بطل النكاح بملك اليمين وكذا لو كانت حرة فارتدت عن الاسلام ولحقت بدار الحرب فسبيت ثم اشتراها وكذا إذا ظاهر منها ثم ارتدت عن الاسلام في قول أبي حنيفة واختلفت الرواية عن أبي يوسف على ما ذكرنا في الايلاء وكذا إذا طلقها ثلاثا فتزوجت بزوج آخر ثم عادت إلى الأول لا يحل له وطؤها بدون تقديم الكفارة عليه لان الظهار قد انعقد موجبا حكمه وهو الحرمة والأصل أن التصرف الشرعي إذا انعقد مفيد الحكمة وفي بقائه احتمال الفائدة أو وهم الفائدة يبقى لفائدة محتملة أو موهومة أصله الإباق الطارئ على البيع واحتمال العود ههنا قائم فيبقى وإذا بقي يبقى على ما انعقد عليه وهو ثبوت حرمة لا ترتفع الا بالكفارة وإن كان موقتا بأن كان قال لها أنت على كظهر أمي يوما أو شهرا أو سنة صح التوقيت وينتهى بانتهاء الوقت بدون الكفارة عند عامة العلماء وهو أحد قولي الشافعي وفي قوله الاخر وهو قول مالك يبطل التأقيت ويتأبد الظهار وجه قوله أن الظهار أخو الطلاق إذ هو أحد نوعي التحريم ثم تحريم الطلاق لا يحتمل التأقيت كذا تحريم الظهار ولنا أن تحريم الظهار أشبه بتحريم اليمين من الطلاق لان الظهار تحله الكفارة كاليمين يحله الحنث ثم اليمين تتوقت كذا الظهار بخلاف الطلاق لأنه لا يحله شئ فلا يتوقت والله عز وجل أعلم (فصل) وأما بيان كفارة الظهار فالكلام فيه يقع في مواضع في تفسير كفارة الظهار وفي بيان سبب وجوبها وفي بيان شرط وجوبها وفي بيان شرط جوازها أما تفسيرها فما ذكره الله عز وجل في كتابه العزيز من أحد الأنواع الثلاثة لكن على الترتيب الاعتاق ثم الصيام ثم الاطعام وأما سبب وجوب الكفارة فلا خلاف في أن الكفارة لا تجب الا بعد وجود العود والظهار لقوله عز وجل والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا غير أنه اختلف في العود قال أصحاب الظواهر هو أن يكون لفظ الظهار وقال الشافعي هو امساك المرأة على النكاح بعد
(٢٣٥)