الشرح الكبير - أبو البركات - ج ٢ - الصفحة ٣٦٧
يريد طلاقها (فأجابته عمرة) تظن أنه طالب حاجة (فطلقها) أي قال لها: أنت طالق يظنها حفصة (فالمدعوة) وهي حفصة تطلق مطلقا في الفتيا والقضاء، وأما المجيبة ففي القضاء فقط وإليه أشار بقوله: (وطلقتا) بفتح اللام أي حفصة وعمرة ويحتمل طارق وعمرة وهو أولى وأتم فائدة (مع) قيام ( البينة) ولو قال في القضاء كان أحسن ليشمل قيام البينة مع الانكار وحصول الاقرار عند القاضي، وأجيب بأنه متى قيل مع البينة فالمراد القضاء الشامل للاقرار (أو أكره) على إيقاعه فلا يلزمه شئ في فتوى ولا قضاء لخبر مسلم: لا طلاق في إغلاق أي إكراه بل لو أكره على واحدة فأوقع أكثر فلا شئ عليه لان المكره لا يملك نفسه كالمجنون أي ولم يكن قاصدا بطلاقه حل العصمة باطنا وإلا لوقع عليه. واعلم أن الاكراه إما شرعي أو غيره، ومذهب المدونة الذي به الفتوى أن الاكراه الشرعي طوع يقع به الطلاق جزما خلافا للمغيرة، كما لو حلف بالطلاق لا خرجت زوجته فأخرجها قاض لتحلف عند المنبر، وكما لو حلف في نصف عبد يملكه لا باعه فأعتق شريكه نصفه فقوم عليه نصيب الحالف وكمل به عتق الشريك، أو حلف لا اشتراه فأعتق الحالف نصيبه فقوم عليه نصيب شريكه لتكميل عتقه لزمه الطلاق على المذهب، والمصنف رحمه الله اختار مذهب المغيرة ورد بلو مذهب المدونة الراجح بقوله: ( ولو بكتقويم جزء العبد) الذي حلف لا باعه أو لا اشتراه وكان الصواب العكس، وأدخلت الكاف كل من كان الاكراه فيه شرعيا (أو في فعل) داخل في حيز المبالغة أي فلا يحنث كحلفه بطلاق لا أدخل دارا فأكره على دخولها أو حمل وأدخلها مكرها، خلافا لابن حبيب القائل بالحنث في الاكراه الفعلي وهو مقيد بما إذا كانت صيغة بر كما مثلنا، فإن كانت صيغة حنث نحو: إن لم أدخل الدار فهي طالق فأكره على عدم الدخول فإنه يحنث كما قدمه في اليمين حيث قال: ووجبت به إن لم يكره ببر ومقيد بما إذا لم يأمر الحالف غيره أن يكرهه وبما إذا لم يعلم أنه سيكره، وبما إذا لم يقل في يمينه لا أدخلها طوعا ولا كرها وأن لا يفعله بعد زوال الاكراه حيث كانت يمينه غير مقيدة بأجل
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»
الفهرست