العزم على الضد وتحنيث نفسه ولا يتأتى له الرجوع، انظر حاشية مج، واختار طفي هذه الطريقة انظر بن. قوله: (فلا حنث بالعزم على الضد) أي وإنما يحنث بعدم فعل المحلوف عليه إذا فات الاجل وبفعل المحلوف على تركه. قوله: (وحنث بالنسيان) أي على المعتمد خلافا لابن العربي والسيوري وجمع من المتأخرين حيث قالوا بعدم الحنث بالنسيان وفاقا للشافعي كذا في البدر القرافي قوله: (أي بفعل المحلوف عليه نسيانا) أي فإذا حلف أنه لا يأكل في غد فأكل فيه نسيانا فإنه يحنث على المعتمد، ولو حلف بالطلاق ليصومن غدا فأصبح صائما فأكل ناسيا فلا حنث عليه كما في سماع عيسى وذلك لأنه حلف على الصوم وقد وجد والذي فعله نسيانا هو الأكل، وهذا الأكل غير مبطل لصومه لان الأكل في التطوع لا يبطله وهذا الصوم تطوع بحسب الأصل فلما لم يبطل صومه لم يحنث. قوله: (ما لم أنس) أي أولا أفعله عمدا وأما لو قال: لا أفعله عمدا ولا نسيانا فإنه يحنث اتفاقا قوله: (فمن حلف لا يفعل كذا) هذا مثال للخطأ. وحاصله أنه إذا حلف لا يدخل دار فلان فدخلها معتقدا أنها غيرها فإنه يحنث، ومن أمثلة الخطأ أيضا ما إذا حلف انه لا يتناول منه دارهم فتناول منه ثوبا فتبين ان فيه دراهم فإنه يحنث وقيل بعدم الحنث، وقيل بالحنث إن كان يظن أن فيه دراهم قياسا على السرقة وإلا فلا حنث انظر ح.
قوله: (لكن في الحنث بالغلط) أي اللساني نظر والصواب عدم الحنث فيه، وما وقع في كلامهم من الحنث بالغلط فالمراد به الغلط الجناني الذي هو الخطأ كحلفه أنه لا يكلم زيدا فكلمه معتقدا أنه عمرو، وكحلفه لا أذكر فلانا فذكره لظنه أنه غير الاسم المحلوف عليه انظر بن. قوله: (وبالبعض) أي وحنث بالحلف على ترك ذي أجزاء بفعل البعض منه، فمن حلف أنه لا يأكل رغيفا حنث بأكل لقمة منه، ومن حلف أنه لا يلبس هذا الثوب حنث بإدخال طوقه في عنقه، وإن حلف لا يصلي حنث بالاحرام، أو لا يصوم حنث بالاصباح ناويا ولو أفسد بعد ذلك فيهما بل في ح إن حلف لا يركب حنث بوضع رجله في الركاب ولو لم يستقر على الدابة حيث استقل عن الأرض، وإن حلف إن وضعت ما في بطنك فوضعت واحدا وبقي واحد حنث بوضع أحدهما قال: ولو حلف لا يطؤها حنث بمغيب الحشفة وقيل بالانزال ولم يلتفتوا في هذا للبعض كأنه لتعويل الشارع في أحكام الوطئ على مغيب الحشفة، ولو حلف أنه لا يدخل الدار لم يحنث بإدخال رأسه بخلاف رجله والأظهر إن اعتمد عليها انظر البدر. قوله: (ولو قيد بالكل) أي بأن قال: لا آكل كل الرغيف وهذا هو المشهور، واستشكل هذا بأنه مخالف لما تقرر من أن إفادة كل للكلية محله ما لم تقع في حيز النفي وإلا لم تستغرق غالبا بل يكون المقصود نفي الهيئة الاجتماعية الصادق بثبوت البعض كقوله:
ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ومن هنا من هذا القبيل ومن غير الغالب استغراقها نحو قول الله تعالى: * (والله لا يحب كل مختال فخور) * فتأمله، إلا أن يقال: روعي في هذا القول المشهور الوجه القليل حيث لا نية ولا بساط لان الحنث يقع بأدنى وجه فتأمله. قوله: (عكس البر) أي إذا كانت الصيغة صيغة حنث وحلف على فعل شئ ذي اجزاء فلا يبر بفعل البعض، وذكر شيخنا وغيره أن من حلف عليه بالأكل فإن كان في آخر الأكل فلا يبر الحالف إلا بأكل المحلوف عليه ثلاث لقم فأكثر، وإن لم يكن الحلف عليه في آخر أكله فلا يبر الحالف إلا بشبع مثله. قوله: (لا بشرب ماء) أي لا يحنث بشرب ماء في حلفه لا آكل طعاما في هذا اليوم أو لفلان.
قوله: (والعرف يقدم) أي والعرف القولي يقدم على المقصد الشرعي، هذا وما ذكره من أن ماء زمزم طعام شرعا فيه نظر لان غاية ما ورد فيه أنه لما شرب له فلا يلزم من قيامه قيام الطعام أن يكون طعاما بل هو ماء مطلق.