حاشية الدسوقي - الدسوقي - ج ٢ - الصفحة ١٤٠
عليه حينئذ كانت يمينه مما ينوي فيه أم لا، وأما إن شهدت البينة باليمين وادعى هو البساط فلا يعمل عليه عند المرافعة، وقد صرح ابن رشد بهذا التفصيل ونقله عنه طفي. قوله: (يقول لحم البقر داء إلخ) أي وكذا إذا قيل له: أنت تزكي الناس لأجل شئ تأخذه منهم فحلف بالطلاق أنه لا يزكي ولا نية فلا يحنث باخراج زكاة ماله وإنما يحنث بتزكيته للناس، ومن جملة أمثلته كما في المج أن يحلف ليشترين دار فلان فلم يرض ربها بثمن مثلها فأقوى القولين عدم الحنث كما في ح. وكذا إذا حلف ليبيعن فأعطى دون الثمن. ومن جملة أمثلته كما في البدر القرافي ما إذا حلف أن زوجته لا تعتق أمتها وكانت أعتقتها قبل ذلك فلا يحنث لأنه لو علم لم يحلف، ومنها لو حلف أنه ينطق بمثل ما تتكلم به زوجته فقالت: أنت طالق فلا يحاكيها، ومنها لو حلفت زوجة أمير أنها لا تسكن بعد موته دار الامارة ثم تزوجت بعده أميرا آخر فأسكنها بها لم تحنث لان بساط يمينها انحطاط درجتها بعد موته وقد زال ذلك. ومنها من ضاع صكه فقال للشهود: اكتبوا لي غيره امرأته طالق لا يعلمه في موضع ولا هو في بيته ثم وجده في بيته فلا حنث عليه عملا بمقتضى لفظه بل هذا من البساط على المشهور. ومنها لو حلف بطلاق زوجته أنه لا يأكل بيضا ثم وجد في حجر زوجته شيئا مستورا فقالت: لا أريكه حتى تحلف بالطلاق لتأكل منه فحلف فإنه لا شئ عليه إذا كان الذي في حجرها بيضا ولا يأكل منه لان بساط يمينه أنه يأكل منه ما لم يمنع من الأكل مانع ولان علمه باليمين الأول يتضمن نية اخراجه. قوله: (خصص وقيد عرف قولي) أي مدلول متعارف من القول أي لأنه غالب قصد الحالف واحترز بالعرف القولي من الفعلي فإنه لا يخصص كما إذا حلف لا يأكل خبزا والحال أن الخبز اسم لكل ما يخبز فإذا كان بلد الحالف لا يأكلون إلا الشعير فأكل الشعير عندهم عرف فعلي فلا يعتبر مخصصا، فإذا أكل الحالف خبز القمح فإنه يحنث، وما ذكره المصنف هنا وفي التوضيح من عدم اعتبار العرف الفعلي فقد تبع فيه القرافي، وذكر ابن عبد السلام أن ظاهر مسائل الفقهاء اعتبار العرف وإن كان فعليا. ونقل الوانوغي عن الباجي أنه صرح بأن العرف الفعلي يعتبر مخصصا ومقيدا قال: وبه يرد ما زعمه القرافي وصرح اللخمي باعتباره أيضا، وفي القلشاني: لا فرق بين القولي والفعلي في ظاهر مسائل الفقهاء. قوله: (لا يشتري ما ذكر) أي دابة أو مملوكا أو ثوبا قوله: (ولا ثوب معين إلخ) بل لفظ الدابة يطلق عندهم على معناه لغة وهو كل ما دب على الأرض، وكذلك الثوب يطلق عندهم على معناه لغة وهو كل ما يلبس فإنه يحنث حينئذ بركوبه ولو لتمساح ولبسه ولو لعامة اه‍. ومن حلف لا يصلي ولفظ الصلاة إنما يطلق عندهم على المعنى اللغوي فإنه يحنث بالدعاء إذ هو الصلاة لغة، وإنما قدم العرف القولي على المقصد اللغوي لان العرف القولي بمنزلة الناسخ والقاعدة أن الناسخ مقدم على المنسوخ. قوله: (فلعلهم أرادوا مطلق الحمل) أي فلعلهم أرادوا بكون المقصد اللغوي مخصصا ومقيدا أن اللفظ يحمل عليه وإن كان ليس ذلك تخصيصا ولا تقييدا حقيقة. قوله: (بعد المقصد اللغوي) أي بعد وجوده وعدم معرفته، وليس المراد بعد عدمه لان المقصد اللغوي لا يعدم ويوجد الشرعي لان الشرعي إما فرد من أفراد اللغوي أو مرادف له كما في الظلم فإنه تجاوز الحد في كل من اللغة وعرف الشرع. لا يقال: المدلول الشرعي مدلول عرفي فيتكرر مع المدلول العرفي. لأنا نقول: المدلول العرفي يطلق على العرفي الخاص وهو ما تعين ناقله كالشرعي واللغوي، والعرفي العام وهو الذي لم يتعين ناقله، والمراد به هنا الثاني لا الأول. قوله: (والراجح تقديمه) أي المقصد الشرعي عليه أي على
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست