حاشية الدسوقي - الدسوقي - ج ٢ - الصفحة ١٣٧
فعبيدي أحرار ثم فعل ذلك وقال: أردت بعبيدي غير زيد فإنه يقبل منه ذلك، وكحلفه لا ألبس الثياب ونوى الكتان فينفعه ذلك ويجوز له لبس الثياب من غير الكتان كالقطن والصوف.
قوله: (بلا قيد) أي من غير تقييد لتحققها في فرد مبهم أو معين فهو مرادف لاسم الجنس، بخلاف النكرة فإنه ما دل على الماهية بقيد الوحدة الشائعة أي بقيد وجودها في فرد مبهم، واعلم أن اللفظ في المطلق والنكرة واحد يفرق بينهما بالاعتبار، فإن اعتبر في اللفظ دلالته على الماهية بلا قيد فهو المطلق واسم الجنس وإن اعتبر مع قيد الوحدة الشائعة سمي نكرة كما قاله ابن السبكي. وقال القرافي والآمدي وابن الحاجب:
إنهما واحد ذاتا واعتبارا وهو ما دل على الماهية بقيد وجودها في فرد مبهم، لكن الأول هو الذي عليه أسلوب المناطقة والأصوليين. قوله: (فمن حلف إلخ) وكذا لو حلف ليكرمن رجلا ونوى زيدا فلا يبر بإكرام غيره لان رجلا مطلق قيده بخصوص زيد فصار معنى اليمين: لأكرمن زيدا.
قوله: (أي خالفت لفظه العام) أشار بهذا إلى أن المراد بمنافاة النية للعام مخالفتها لمقتضى لفظه ولو بالعموم والخصوص، سواء كانت منافية له حقيقة بأن كان اللفظ يقتضي ثبوت الحكم لامر والنية تنفيه عنه أو بالعكس أو كانت غير منافية له، فالأول كما لو حلف لا آكل سمنا ونوى سمن الضأن وإباحة سمن غير الضأن، والثاني كما لو حلف لا يأكل سمنا ونوى سمن الضأن أي انه قصد هذا المعنى الخاص معبرا عنه باللفظ العام ولم يلاحظ إباحة سمن غيره فنية سمن الضأن ليست منافية لعموم السمن بل فرد منه وإن كانت مغايرة له، فالنية نافعة للحالف في الصورتين على المعتمد فله أكل سمن غير الضأن فيهما.
واشترط القرافي في تخصيص النية للعام منافاتها له حقيقة فجعلها مخصصة في المثال الأول دون الثاني، ورد عليه بأن المنافاة إنما تشترط في المخصص المنفصل عن العام المستقل لا المتصل به كالتخصيص بالوصف، وحينئذ فنية الضأن في حكم ما لو قال: والله لا آكل سمنا ضأنا فلا يحنث بغيره، هذا ولا يصح كون نافت من ناف ينيف بمعنى يزيد لأن النية التي تنيف أي تزيد على مقتضى العام لا تخصص ولا تقيد، نعم هي تعمم المطلق كما يؤخذ من الفروع الآتية نحو: والله لأكرمن أخا لك وتريد جميع إخوته، فأخا مطلق فإذا أراد جميع إخوته كانت تلك النية زائدة على المطلق ومعممة له فلا يبرأ إلا بإكرام الجميع.
قوله: (إذ لا معنى لتخصيصها) أي للعام وقول إلا منافاتها أي له أي مخالفتها ومغايرتها له لان تخصيصها له قصره على بعض أفراده، وبعض أفراده مغاير ومخالف لعمومه، وحيث كان لا معنى لتخصيصها للعام إلا مخالفتها له فاشتراط المنافاة في تخصيصها من اشتراط الشئ في نفسه تأمل. قوله: (والأظهر رجوعه لهما) أي وذلك لأنه إذا حلف لا يكلم رجلا ونوى جاهلا فالجاهل ليس موافقا لظاهر اللفظ بل الموافق له أي رجل كان، والحاصل أن المراد بمنافاة النية مخالفتها لظاهر اللفظ وهذا متأت في كل من العام والمطلق. قوله: (على السواء) أي بالنظر للعرف بأن يكون احتمال لفظ الحالف لما نواه ولغيره متساويين عرفا، وليس احتماله لما نواه أبعد احترازا عن النية البعيدة لا جدا وهي قوله: كأن خالفت ظاهر لفظه إلخ. وعن شديدة البعد وهي قوله: لا إرادة ميتة قوله: (ومثل للمساوية) أي للنية المساوية المخصصة للعام وذلك لان قوله حياتها مفرد مضاف يعم كل وقت من أوقات حياتها الشامل ذلك لوقت كونها معه في عصمته وغيره، فإذا أراد بحياتها كونها معه في عصمته كان قصرا للعام على بعض أفراده وهو تخصيص له. قوله: (ثم طلقها) أي طلاقا بائنا، وأما لو طلقها طلاقا رجعيا ثم تزوج وقع عليه الطلاق في التي تزوجها ولا تنفعه نيته بكونها معه لان الرجعية زوجة ما دامت في العدة، فلو طلق المحلوف لها طلاقا بائنا ثم تزوج وعادت المحلوف لها بعقد جديد عادت عليه اليمين في المحلوف لها حتى تنقضي عصمتها على ما يأتي. قوله: (إنه نوى)
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست