حاشية الدسوقي - الدسوقي - ج ٢ - الصفحة ٩٣
فصل في ذكر موانع الحج قوله: (أو حبس) يصح كونه مصدرا عطفا على عدو، وكونه فعلا مبنيا للمجهول عطفا على منعه.
قوله: (فخرج حبسه بحق ثابت مع عدم ثبوت عسره) أي فهو كالمنع لمرض فلا يتحلل إلا بفعل عمرة، وظاهر كلام ابن رشد أن المعتبر في الحبس بحق ظاهر الحال وإن لم يكن حقا في نفس الامر حتى أنه إذا حبس لتهمة ظاهرة فهو كالمرض وإن كان يعلم من نفسه أنه برئ، وهذا هو ظاهر المدونة والعتبية كما نقله ح.
قال ابن عبد السلام: وفيه عندي نظر، وكان ينبغي أن يحال الامر على ما يعلم من نفسه لان الاحلال والاحرام من الاحكام التي بين العبد وربه وقبله في التوضيح وظاهر الطراز يوافقه اه‍ بن. وذكر شيخنا العدوي أن الريح إذا تعذر على أصحاب السفن لا يكون تعذره كحصر العدو بل هو مثل المرض لأنهم يقدرون على الخروج للبر فيمشون. قوله: (أي فيه) أشار إلى أن الباء بمعنى في أي حالة كونه في حج أو عمرة، ويصح جعلها للملابسة أي متلبسا بذلك، والأولى جعلها بمعنى عن متعلقة بمنعه أي إن منعه ما ذكر عن إتمام حج بأن أحصر عن الوقوف والبيت معا، أو عن إكمال عمرة بأن أحصر عن البيت أو السعي.
وقوله: فله التحلل أي بالنية مما هو محرم به في أي محل كان قارب مكة أو لا، دخلها أو لا، وله البقاء لقابل أيضا إلا أن تحلله أفضل، وما ذكرناه من أنه يتحلل بالنية هو المشهور خلافا لمن قال: لا يتحلل إلا بنحر الهدي والحلق. قوله: (قارب مكة أو دخلها) ما ذكره الشارح من أفضلية التحلل على البقاء على إحرامه مطلقا قارب مكة أو لا دخلها أو لا هو الصواب كما يأتي. وأما قول خش: وله البقاء لقابل إن كان على بعد ويكره له إن قارب مكة أو دخلها فغير صواب غره كلام المصنف الآتي، مع أن ما يأتي إنما هو في الذي لا يتحلل إلا بفعل عمرة فجاز له البقاء لقابل إن كان على بعد لمشقة السير للعمرة، وأما هذا فإنه يتحلل بالنية في أي محل كان. قوله: (فليس له التحلل) أي ويبقى على إحرامه حتى يحج في العام القابل.
قوله: (إلا أن يظن أنه لا يمنعه فمنعه) أي فله أن يتحلل حينئذ بالنية كما وقع له صلى الله عليه وسلم أنه أحرم بالعمرة عام الحديبية عالما بالعدو ظانا أنه لا يمنعه فمنعه فلما منعه تحلل بالنية، فقول المصنف: إن لم يعلم في مفهومه تفصيل. قوله: (وأيس من زواله) أي بأن علم أو ظن أن المنع لا يزول إلا بعد فوات الحج، والحال أن إحرامه بوقت يدرك فيه الحج لولا الحصر، وأما لو أحرم بوقت لا يدرك فيه الحج فليس له التحلل. وإن أحصر لأنه داخل على البقاء على إحرامه، وقوله: وأيس من زواله هذا خاص بالحج، وأما العمرة فالمدار في التحلل منها على ظن حصول الضرر له إذا بقي على إحرامه لزوال الحصر. قوله: (لا إن شك) أي في أن ذلك المنع يزول قبل فوات الحج أو بعد فواته أي فليس له التحلل، وظاهره ولو شرط أنه إن حصل له مانع تحلل بالنية وهو المذهب خلافا للخمي حيث قال: إذا شك في زوال المانع فليس له التحلل إلا بشرط الاحلال. قوله: (قبل فوته) يحتمل أنه متعلق بقوله: فله التحلل ردا لقول أشهب: إن التحلل لا يكون إلا يوم النحر، ويحتمل أن يتعلق بزواله، وعليه فظاهره أنه يحل إذا أيس من زوال المانع قبل فوات الحج ولو بقي من الوقت ما لو زال المانع لأدرك فيه الحج وهو ظاهر أول كلام المدونة، والذي اختاره ابن يونس وسند ما في آخر كلامها وهو أنه لا يحل حتى يكون في زمن يخشى فيه فوات الحج، وقالا: إن كلامها الثاني مفسر لكلامها الأول، قال ح: إذا علم أن هذا هو الراجح فينبغي أن يحمل كلام المصنف عليه، فيكون معنى قوله: وأيس من زواله أنه لم يبق بينه وبين ليلة النحر زمان يمكن فيه السير لو زال العذر اه‍ بن. قوله: (ولا دم) أي خلافا لأشهب حيث قال بوجوب الهدي واستدل بآية: * (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي) * وأجيب عن دليله بأن الهدي في الآية لم يكن لأجل الحصر وإنما
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست