حاشية الدسوقي - الدسوقي - ج ٢ - الصفحة ١٣١
بنيته قبل حلفه شيئا من يمينه كالزوجة في حلفه بقوله: الحلال إلخ. قوله: (وهي المحاشاة) ظاهر كلام المصنف وابن محرز أن المحاشاة قاعدة مطردة وأن مسألة الحلال علي حرام فرد من أفرادها قال طفي:
وليس كذلك بل ظاهر كلامهم أنها خاصة بمسألة الحلال علي حرام، واستدل لذلك بإطلاقهم في أن النية المخصصة لا تقبل مع المرافعة وقالوا في الحلال علي حرام تقبل المحاشاة ولو رفعته النية، قلت: قد يرد استدلاله هذا بقول ابن رشد في سماع أصبغ القياس أنه لا يصدق القائل الحلال علي حرام إن ادعى محاشاة زوجته مع قيام البينة لادعاء خلاف ظاهر لفظه كحالف لا كلمت زيدا وقال: نويت شهرا وتصديقه في الزوجة استحسان لمراعاة الخلاف في أصل اليمين اه‍. فانظر قوله لمراعاة الخلاف في أصل اليمين فإنه ربما يفيد قبول النية المخصصة في كل يمين. وقوله لمراعاة الخلاف إلخ إشارة لما قلناه سابقا من أن الحالف إذا عزل في يمينه أولا هل يحلف ما ادعاه من العزل أو لا يحلف ويصدق بمجرد دعواه العزل؟ قولان، والحاصل أن ما أفاده ابن محرز ومن تبعه من أن المحاشاة قاعدة مطردة في المحلوف به والمحلوف عليه ليس بظاهر لاطلاقهم قبول المحاشاة، وتفصيلهم في النية المخصصة كما يأتي وما ادعاه طفي من تخصيصها بالحلال علي حرام فلم يقم عليه دليل وإن ادعى اطرادها في المحلوف به لم يبعد انظر بن. قوله: (أي الذي لم يسم له مخرجا) أي لم يعين فيه المنذور، أما لو عين مخرجه باللفظ أو النية لزمه ما عينه.
قوله: (كعلي نذر إلخ) اعلم أن لله علي صيغة نذر مطلقا سواء علق أو لم يعلق وعلي كذا صيغة نذر إن لم يعلق أو علق على أمر غير مكتسب للشخص، فإن علق على مكتسب للشخص فهو نذر ويمين باعتبارين فهو نذر من حيث أنه التزام مندوب ويمين من حيث أنه غير مقصود به القربة بل الامتناع من الفعل والأربعة داخلة في قول المصنف: وفي النذر المبهم. وقوله: واليمين والكفارة أي وفي نذر اليمين ونذر الكفارة فيندرج في كل منهما الصور الأربعة المذكورة في النذر المبهم، ويحتمل أن المراد وفي الحلف باليمين والكفارة. واعلم أن محل لزوم الكفارة في الحلف باليمين ما لم يكن العرف في اليمين الطلاق وإلا لزمه طلقة رجعية كما في بن عن الوانشريسي وغيره، والحق أنه يرجع لعرف البلدان الذي تعارفوه في الطلاق فإن كان عرفهم البتات لزمه الثلاث وإن كان عرفهم استعماله في الطلاق فقط حمل على الرجعي.
وعرف مصر إذا قال يمين سفه كان طلاقا، فلو جمع الايمان كلله علي أيمان تعددت الكفارة، وفي المواق نقلا عن ابن المواز قول باتحادها لتكرر صيغة اليمين بالله، فإن ادعى أنه أراد بقوله علي أيمان يمينا واحدة لم يقبل لان الجمع نص، وإن أراد اثنين فتردد باعتبار أقل الجمع. قوله: (أو إن لم أفعل كذا ما أقمت في هذه الدار) ظاهر صنيع الشارح أن إن نافية في صيغة البر وشرطية في صيغة الحنث وليس كذلك بل هي نافية في الصيغتين إن لم يذكر لها جواب نحو: والله إن كلمت زيدا، أو والله إن لم أكلم زيدا، ومعنى الصيغة الأولى لا أكلمه ومعنى الثانية لا كلمته لان إن نافية ولم نافية ونفي النفي إثبات، فالفعل في الصيغتين وإن كان ماضيا لكن معناه الاستقبال لان الكفارة إنما تتعلق بالمستقبل، والذي صرف الماضي للاستقبال الانشاء إذا الحلف إنشاء وإن ذكر لها جواب فهي شرطية فيهما نحو: والله إن كلمت زيدا فلا أقيم في هذه البلدة ولم أضرب زيدا ما أقمت في هذه الدار. قوله: (إن لم يؤجل) هذا شرط في كون الصيغتين المذكورتين صيغتي حنث لا شرط في تنجيز الحنث عليه، ولا في قوله إطعام عشرة مساكين لان وجوب الاطعام في لأفعلن أو إن لم أفعل ليس مشروطا بعدم التأجيل.
وحاصل ما أراد المصنف أن الحالف بهاتين الصيغتين إنما يكون على حنث إذا لم يضرب ليمينه أجلا أي بأن أطلق في يمينه نحو: والله لا كلمت زيدا، أو والله إن لم أكلمه لكن لا يحنث إلا بالموت، ومن هذا ما نقله المواق: والله لأطلقنك فلا يجبر على الكفارة ولا يمنع من وطئها ولا يحنث إلا بموتها.
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست