حاشية الدسوقي - الدسوقي - ج ٢ - الصفحة ١٣٩
إن الواحدة هي مقتضى لفظه فتقبل نيته. قوله: (أي توثق في حق) المراد بالتوثق قطع النزاع، فالمعنى: إن استحلف لأجل قطع نزاع متعلق بحق. قوله: (من دين) كأن يدعي أن له عليه عشرة دنانير من بيع فيحلف بالله أو بالطلاق أو بعتق عبيده أو عبده فلان ما لك عندي عشرة وينوي من قرض.
قوله: (أو غيره) أي كأن يدعي عليه بأن الشئ الفلاني وديعة فينكر ذلك ويحلف بالله أو بالطلاق أو العتق ما له عندي وديعة وينوي حاضرة. قوله: (فلا تقبل نية الحالف) أي إذا تزوج عليها غير مصرية وادعى أنه نوى أنه لا يتزوج عليها مصرية. والحاصل أن العبرة بنية الحالف إلا أن يحلف لذي حق فالعبرة بنية المحلف فلا ينفع الاستثناء من الحالف كما لا تعتبر نيته. قوله: (في قوله: زوجتي طالق) حاصله أنه إذا قال: زوجته طالق وقال أردت زوجتي التي ماتت قبل الحلف أو التي طلقتها قبل الحلف فلا تقبل منه تلك النية، وكذلك إذا قال: أمتي حرة وقال أردت أمتي التي ماتت منذ مدة أو التي أعتقتها منذ مدة فإنه لا تقبل منه تلك الإرادة، وكذا إذا قال لزوجته أو أمته هي حرام وقال: أردت أن كذبها حرام فإنه لا يصدق ويلزمه الطلاق في الزوجة والعتق في الأمة. قوله: (لف ونشر مرتب) أي فقوله في طالق وحرة راجع لميتة، وقوله أو حرام راجع للكذب. قوله: (في طلاق) أي إذا قال ذلك لزوجته وقوله وعتق أي إذا قال ذلك للأمة وهذا مرتبط بقوله: ولا يصدق في دعواه إرادة حرمة الكذب في قوله:
أنت حرام. قوله: (إلا لقرينة تصدق دعواه) أي في إرادة الميتة ونحوها وإلا عمل عليها، ومثله إذا قامت قرينة على إرادة الكذب وليس هذا من باب العمل بالنية فقط بل بها وبالقرينة. قوله: (ثم إن عدمت النية) أي الصريحة وإنما قلنا ذلك لان البساط نية حكمية لقول ابن رشد أنه تحويم على النية. قوله: (أو لم تضبط) أي أو لم تعدم النية الصريحة لكن عدم ضبط الحالف لها. قوله: (وهو السبب الحامل على اليمين) هذا تعريف له باعتبار الغالب وإلا فهو المعبر عنه في علم المعاني بالمقام وقرينة السياق، وقد لا يكون سببا كما في بعض الأمثلة الآتية كذا في حاشية السيد. واعلم أن البساط يجري في جميع الايمان سواء كانت بالله أو بطلاق أو بعتق كما قال بعضهم:
يجري البساط في جميع الحلف وهو المثير لليمين فاعرف إن لم يكن نوى وزال السبب وليس ذا لحالف ينتسب اه‍.
وقوله: وهو المثير أي السبب الحامل على اليمين. وقوله: إن لم يكن نوى، وأما إن نوى في مثال الشارح لا أشتري لحما زالت الزحمة أو بقيت فإنه يحنث إذا اشتراه عند زوال الزحمة. وقوله: وزال السبب أما إن لم يزل السبب فإنه يحنث. وقوله: وليس ذا أي السبب ينتسب للحالف أي أنه يشترط في نفع البساط أن لا يكون للحالف مدخل في السبب الحامل على اليمين، فلو تنازع مع ولده أو زوجته أو أجنبي فحلف عليه أن لا يدخل داره ثم زال النزاع واصطلح الحالف والمحلوف عليه فإنه يحنث بدخوله لان الحالف له مدخل في السبب فالبساط هنا غير نافع، كما أنه لا ينفع فيما نجز بالفعل، كما لو تشاجرت زوجته مع أحد فطلقها ثم زالت المشاجرة فلا يرتفع الطلاق لان رفع الواقع محال، كذا ذكر شيخنا السيد البليدي.
قوله: (بل هو نية ضمنا) أي فعطفه على النية باعتبار أن تلك نية صريحة وهذا نية ضمنية، والتحقيق أن البساط من باب القرائن فهو أقوى من النية المخالفة، ولا ينافي ما تقدم عن ابن رشد من أنه تحويم على النية لان المراد أنه تحويم على التصريح بها، وإذا علمت أنه من باب القرائن فالعطف ظاهر.
قوله: (لا حنث عليه) أي لا في الفتوى ولا في القضاء. والحاصل أن ظاهر المصنف ككلامهم اعتبار البساط ولو مع مرافعة في طلاق أو عتق إلا أن المفتي يدين الحالف في دعواه، وأما في القضاء فلا بد من ثبوت كون الحالف عند وجود البساط يعني بأن تشهد البينة عند المرافعة بالبساط فيحمل
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست