هذين الرجلين ونظائره، هذا كلام الأصحاب، ولك أن تقول: إن أراد بقوله: لا أجامع كل واحدة تخصيص كل واحدة بالإيلاء على وجه لا يتعلق بصواحبها، فالوجه بقاء الايلاء في الباقيات، وإلا فينبغي أن يكون حكم هذه الصورة حكم قوله: والله لا أجامعكن على ما سبق.
فرع قال: والله لا أجامع واحدة منكن، فله ثلاثة أحوال.
أحدها: أن يريد الامتناع عن كل واحدة، فيكون مؤليا منهن كلهن، ولهن المطالبة بعد المدة، فإن طلق بعضهن، بقي الايلاء في حق الباقيات، وإن وطئ بعضهن، حصل الحنث، لأنه خالف قوله: لا أطأ واحدة منكن، وتنحل اليمين، ويرتفع الايلاء في حق الباقيات.
الحال الثاني: أن يقول: أردت الامتناع عن واحدة منهن لا غير، فيقبل قوله، لاحتمال اللفظ. وقال الشيخ أبو حامد: لا يقبل، للتهمة، والصحيح الأول، ثم قد يريد معينة، وقد يريد مبهمة، فإن أراد معينة، فهو مؤل منها، ويؤمر بالبيان كما في الطلاق، فإذا بين، وصدقه الباقيات، فذاك، فإن ادعت غير المعينة أنه أرادها، وأنكر، صدق بيمينه، فإن نكل، حلفت المدعية، وحكم بأنه مؤل منها أيضا، فلو أقر في جواب الثانية أنه نواها، وأخذناه بموجب الاقرارين، وطالبناه بالفيئة أو الطلاق، ولا يقبل رجوعه عن الأولى، وإذا وطئهما في صورة إقراره، تعددت الكفارة، وإن وطئهما في صورة نكوله ويمين المدعية لم تتعدد الكفارة، لان يمينها لا تصلح لالزامه الكفارة.
ولو ادعت واحدة أولا، أنك أردتني، فقال: ما أردتك أو ما آليت منك، وأجاب بمثله الثانية والثالثة، تعينت الرابعة للايلاء، وإن أراد واحدة مبهمة، أمر بالتعيين.
وقال السرخسي: ويكون مؤليا من إحداهن لا على التعيين، فإذا عين واحدة، لم يكن لغيرها المنازعة، ويكون ابتداء المدة من وقت اليمين، أم من وقت التعيين؟ وجهان بناء على الخلاف في الطلاق المبهم إذا عينه، هل يقع من اللفظ أم من التعيين؟ وإن لم يعين، ومضت أربعة أشهر فقالوا: تطالب إذا طلبن بالفيئة أو الطلاق، وإنما يعتبر طلبهن كلهن ليكون طلب المؤلي منها حاصلا، فإن امتنع،