فصل لا يلحق الولد بالزوج إذا لم يتحقق إمكان الوطئ، فإذا نكح وطلقها في المجلس، أو غاب عنها غيبة بعيدة لا يحتمل وصول أحدهما إلى الآخر، وأتت بولد لأكثر من أربع سنين من وقت الغيبة، أو جرى العقد والزوجان متباعدان، أحدهما بالمشرق، والآخر بالمغرب، وأتت بولد لستة أشهر من حين العقد، ففي كل هذه الصور ينتفي الولد بغير لعان.
فرع إذا أتت بولد يمكن أن يكون منه، لكنه رآها تزني واحتمل كونه من الزنا، فليس له نفيه. وهل له القذف واللعان؟ حكى الامام عن العراقيين والقاضي، أنه ليس له ذلك قال: والقياس جوازه لجواز القذف إذا تيقن الزنا ولا ولد، انتقاما منها، فحصل وجهان، الصحيح: المنع، لأن اللعان حجة ضرورية، إنما يصار إليها لدفع النسب، أو قطع النكاح حيث لا ولد، خوفا من أن يحدث ولد على الفراش الملطخ، وقد حصل الولد هنا، فلم يبق فائدة، ولأن في إثبات زناها تعيير الولد، وإطلاق الألسنة فيه، ولا يحتمل ذلك لغرض الانتقام مع إمكان الفراق بالطلاق.
قلت: هذا النقل عن العراقيين مطلقا غير مقبول على الاطلاق، فقد قال صاحب المهذب: إن غلب على ظنه أنه ليس منه، بأن علم أنه كان يعزل عنها، أو رأى فيه شبه الزاني، لزمه نفيه باللعان، يعني بعد قذفها، وإن لم يغلب على ظنه، لم ينفه. وقال صاحب الحاوي: إذا وطئها ولم يستبرئها ورآها تزني، فهو بالخيار بين اللعان بعد القذف، أو بالامساك. فأما نفي الولد، فإن غلب على ظنه أنه ليس منه، نفاه، وإن غلب على ظنه أنه منه، لم يجز نفيه، وإن لم يظن أحد الامرين، جاز أن يغلب حكم الشبه، وهذا هو القياس الجاري على قاعدة الباب.
والله أعلم.