سيأتيان إن شاء الله تعالى في نظائرها. وإن مات زيد قبل المشيئة، صار مؤليا، ثم إن قلنا: في حال حياته إذا مضت المدة بلا مشيئة يجعل مؤليا، فهنا تحسب المدة من وقت اللفظ، فإن مات زيد بعد تمامها، توجهت المطالبة في الحلال. وإن قلنا هناك: لا يجعل مؤليا، ضربت المدة من وقت الموت. ولو قال: لا أجامعك إن شئت أن أجامعك، فإنما يصير مؤليا إذا شاءت أن يجامعها. وفي اعتبار الفور، ما سبق، وإذا أطلق قوله: إن شئت، حملناه على عدم مشيئته المجامعة، كما سبق، لأنه السابق إلى الفهم.
فصل سواء في الايلاء حالة الرضى والغضب.
فصل قال: إن وطئتك فأنا زان، أو فأنت زانية، لم يكن مؤليا، ولا يصير بوطئها قاذفا. قال السرخسي: ويلزمه التعزير، كما لو قال: المسلمون كلهم زناة، ولزوم التعزير لا يجعله مؤليا، لأنه يتعلق بنفس اللفظ.
الركن الثالث: المدة، فإن حلف على الامتناع أبدا، أو أطلق، فهو مؤل، وإن قيد بزمان، فهو قسمان.
أحدهما: أن يقدر الزمان، فإن كان أربعة أشهر فما دونها، فليس بمؤل، والذي جرى منه يمين أو تعليق كما يجري في سائر الأفعال، وإن كان أكثر من أربعة أشهر، كان مؤليا. قال الامام: ويكفي في كونه مؤليا أن يزيد على أربعة أشهر أقل قليل، ولا يعتبر أن تكون الزيادة بحيث تتأتى بالمطالبة في مثلها. فإذا كانت الزيادة لحظة لطيفة، لم تتأت المطالبة لأنها إذا مضت تنحل اليمين، ولا مطالبة بعد انحلال اليمين. وفائدة كونه مؤليا في هذه الصورة، أنه يأثم لايذائها، وقطع طمعها في الوطئ في المدة المذكورة. ولو حلف لا يجامعها أربعة أشهر، ثم أعاد اليمين بعد مضي تلك المدة، وهكذا مرات، فلا يكون مؤليا قطعا. ولو وصل اليمين فقال:
والله لا أجامعك أربعة أشهر، فإذا مضت فوالله لا أجامعك أربعة أشهر، وهكذا مرارا، فليس بمؤل على الأصح. قال الامام: وهل يأثم الموالي بين هذه الايمان كما ذكرنا، فيما إذا زادت اليمين على أربعة أشهر بلحظة لطيفة، يحتمل أن لا يأثم لعدم الايلاء، ويحتمل أن يأثم إثم الايذاء والاضرار، لا إثم المؤلين.
قلت: الراجح تأثيمه. والله أعلم.