والحربي مع الاكراه، صحيح، لأنه بحق، ولا يصح إسلام الذمي مكرها على الأصح، والمؤلي بعد مضي المدة إذا أطلق بإكراه القاضي، نفذ لأنه بحق، أو لأنه ليس بحقيقة إكراه، فإنه لا يتعين الطلاق. قال المتولي: هذا في الطلقة الواحدة، وأما إذا أكرهه الامام على ثلاث طلقات فتلفظ بها، فإن قلنا: لا ينعزل بالفسق، وقعت واحدة ولغت الزيادة. وإن قلنا: ينعزل، لم يقع شئ كما لو أكرهه غيره، وثبت التحريم بالرضاع مع الاكراه، وفي امتناع القصاص وحد الزنا في حق الرجل بالاكراه خلاف في موضعه.
فصل إنما يندفع الطلاق بالاكراه، إذا لم يظهر ما يدل على اختياره. فإن ظهر بأن خالف المكره، وأتى بغير ما حمله عليه، حكم بوقوع الطلاق، ولذلك صور منها أن يكرهه على طلقة فيطلق ثلاثا، أو على ثلاث، فيطلق واحدة، أو على طلاق زوجتين، فيطلق إحداهما، أو على أن يطلق بصريح، فطلق بكناية أو بصريح آخر، أو بالعكس، أو على تنجيز الطلاق فعلقه، أو بالعكس، فلا عبرة بالاكراه في كل هذه الصور، ويقع ما أتى به.
ولو أكرهه على طلاق إحدى زوجتيه، فطلق واحدة بعينها، وقع على المذهب لأنه مختار في تعيينها وحكى المتولي فيه خلافا، ولو أكرهه على طلاق زوجة فطلق زوجتين، نظر إن قال له: طلق زوجتك حفصة، فقال لها ولضرتها عمرة:
طلقتكما، طلقتا، لأنه عدل عن كلمة الاكراه. وإن قال: طلقت حفصة وعمرة، أو: وطلقت عمرة، أو حفصة طالق وعمرة طالق، طلقت عمرة ولم تطلق حفصة، هكذا فصله البغوي والمتولي وغيرهما، ولم يفصل الامام بين العبارتين، بل أطلق عن الأصحاب الحكم بوقوع الطلاق على الضرتين. قال: وفيه احتمال، إذ لا يبعد أن يكون مختارا في طلاق عمرة.
فرع الاكراه على تعليق الطلاق، يمنع انعقاده، كما يمنع نفوذ التنجيز.