ويشبه أن يجئ فيه الخلاف فيما لو سافرت لحاجتها بإذنه، وإن قلنا: لا يجوز الاستئجار، وأرضعت على طمع الأجرة، ففي استحقاقها أجرة المثل وجهان، قال ابن خيران: تستحق، لأنها لم تبذل منفعتها مجانا، وقال الجمهور: لا تستحق.
الحال الثاني: أن تكون مفارقة، فإن تبرعت بالارضاع، لم يكن للأب المنع، وإن طلبت أجرة، نظر، إن طلبت أكثر من أجرة المثل، لم يلزمه الإجابة، وكان له استرضاع أجنبية بأجرة المثل، وإن طلبت أجرة المثل، فهي أولى من الأجنبية بأجرة المثل، فإن وجد أجنبية تتبرع، أو ترضى بدون أجرة المثل، فهل للأب انتزاع الولد منها؟ فيه طريقان، أشهرهما على قولين، أظهرهما: له الانتزاع. والطريق الثاني: له الانتزاع قطعا، وبه قال ابن سريج، وأبو إسحاق، وابن أبي هريرة، والاصطخري، فعلى المذهب لو اختلفا، فقال الأب: أجد متبرعة، وأنكرت، فهو المصدق بيمينه، لأنها تدعي عليه أجرة، الأصل عدمها، ولأنه تشق عليه البينة، وحيث أوجبنا الأجرة فهي في مال الطفل، فإن لم يكن له مال، فعلى الأب كالنفقة.
الطرف الثاني: في اجتماع أقارب المحتاج والأقارب المحتاجين، وفيه أربعة فصول:
الأول: في اجتماع الفروع الذين تلزمهم النفقة للأصل المحتاج، فإذا اجتمع اثنان من الأولاد، نظر إن استويا في القرب والوراثة أو عدمها، والذكورة والأنوثة، فالنفقة عليهما بالسوية، سواء استويا في اليسار، أم تفاوتا، وسواء أيسرا بالمال، أو الكسب، أو أحدهما بمال، والآخر بكسب، فإن كان أحدهما غائبا، أخذ قسطه من ماله، فإن لم يكن له مال، اقترض عليه. وإن اختلفا في شئ من ذلك،