للمرأة أن تتولى الفسخ بنفسها من غير رفع إلى القاضي، كفسخ البيع بالعيب، والصحيح المنصوص الأول، وبه قطع الجمهور، وعلى هذا يتولى القاضي الفسخ بنفسه، أو يأذن لها فيه، وهو مخير فيهما. وقيل: إنما يستقل بالفسخ بعد ثبوت الاعسار عنده، والصحيح الأول. وتكون هذه الفرقة فسخا على الصحيح المنصوص، وفي قول مخرج هي طلاق، فعلى هذا يأمره الحاكم بالتحمل في الانفاق، فإن أبى، فهل يطلق الحاكم بنفسه، أم يحبسه ليطلق؟ فيه القولان في المولى، فإن طلق، طلق طلقة رجعية، فإن راجع، طلق ثانية وثالثة، أما إذا لم ترفع إلى القاضي، بل فسخت بنفسها لعلمها بعجزه، فلا ينفذ ظاهرا، وهل ينفذ باطنا حتى إذا ثبت إعساره متقدما على الفسخ إما باعتراف الزوج، وإما ببينة يكتفى به وتحسب العدة منه؟ فيه وجهان، قال في البسيط: ولعل هذا فيما إذا قدرت على الرفع إلى القاضي، فإن لم يكن في الناحية قاض ولا محكم، فالوجه إثبات الاستقلال بالفسخ.
الطرف الثالث: في وقت الفسخ قد سبق أنها تستحق تسلم النفقة كل يوم بطلوع الفجر، فإذا عجز، فهل ينجز الفسخ، أم يمهل ثلاثة أيام؟ قولان، أظهرهما: الامهال، وقطع به جماعة وادعى ابن كج أنه طريقة الجمهور، فإن قلنا:
لا يمهل ثلاثا فوجهان، أحدهما: لها المبادرة إلى الفسخ في أول النهار، وأقربهما ليس لها المبادرة، فعلى هذا هل يؤخر الفسخ إلى نصف النهار، أم إلى آخره، أم إلى آخر الليلة بعده؟ فيه احتمالات، أرجحها عند الغزالي الثالث، ثم هذا إذا لم يتخذ ذلك عادة، فأما إن اعتاد إحضار الطعام ليلا، فلها الفسخ، ويقرب من هذا ما ذكره صاحب العدة أنه لو لم يجد النفقة في أول النهار، وكان يجدها في آخره، فلها الفسخ على الأصح. فإذا قلنا: لا فسخ في أول النهار، فلو قال صبيحة اليوم:
أنا عاجز لا أتوقع شيئا، فهل لها الفسخ في الحال لتصريحه بالعجز، أم يلزم التأخير، فقد يرزق من حيث لا يحتسب؟ فيه احتمالان، أرجحهما: الثاني. أما المذهب وهو الامهال ثلاثة أيام، فيتفرع عليه مسألتان، إحداهما: إذا مضت الثلاثة فلها الفسخ صبيحة الرابع إن لم يسلم نفقته، وإن سلمها، لم يجز الفسخ لما