بالملك كعوده بعد البينونة بالثلاث، أم كالبينونة بدون الثلاثة؟ وجهان سبق نظيرهما. ولو ارتد عقب الظهار، ثم أسلم في العدة، عاد الظهار بلا خلاف، ثم هل تكون الرجعة وتجديد النكاح والاسلام بمجردها عودا، أم لا يكون إلا أن يمسكها بعد هذه الأمور زمنا يمكنه فيه الفرقة؟ فيه طرق. المذهب: أن الرجعة عود، بخلاف التجديد والاسلام، ويجري الخلاف فيما لو ظاهر من رجعية ثم راجعها، ولا يكون عائدا قبل الرجعة بحال، ولو ارتد أحدهما عقب الظهار قبل الدخول، فلا عود، وكذا لو كان بعد الدخول، وأصر المرتد حتى انقضت العدة. ولو ظاهر كافر من كافرة، فأسلما معا في الحال، أو أسلم وهي كتابية، فالنكاح دائم، وهو عائد، وإن أسلم وهي وثنية، أو أسلمت وتخلف، فإن كان قبل الدخول، فلا عود لارتفاع النكاح، وإن كان بعده، فلا عود في الحال، ولا إذا أصر، فإن جدد النكاح بعد البينونة، ففي عود الظهار خلاف عود الحنث. وإن أسلم المتخلف في العدة، فإن كان هو، فهل يكون نفس الاسلام عودا، أم لا بد من الامساك بعده؟ فيه الخلاف السابق، وإن كانت هي، فنفس إسلامها ليس بعود في حقه، وإنما يصير عائدا إذا أمسكها بعد علمه بإسلامها زمنا يمكنه مفارقتها.
فرع لو جن عقب الظهار ثم أفاق، قال الشيخ أبو علي: جعل بعضهم كون الإفاقة عودا على الخلاف في الرجعة، وهذا غلط ظاهر.
قلت: نقل الامام عن الأصحاب، أنهم قالوا: لو جن عقب الظهار، فليس بعائد، لأنه لم يمسكها مختارا، وقال صاحب الحاوي: لو تعقب الظهار جنون أو إغماء، صار عائدا، لأن الجنون لا يحرمها، بخلاف الردة، والقصد في العود ليس بشرط، وهذا الذي قاله، وإن كان قويا، فالصحيح ما نقله الامام. والله أعلم.
فصل سبق أن تعليق الظهار صحيح، فلو علقه ووجد المعلق عليه وأمسكها جاهلا، نظر، إن علق على فعل غيره، فليس بعائد حتى يمسكها بعد علمه، وإن علق على فعل نفسه ونسي، فالمعروف في المذهب: أنه عائد، ورأي البغوي وغيره تخريج المسألة في الطرفين على حنث الناسي والجاهل، وهذا أحسن، وبه قال المتولي.