الفصل الثالث: في السنن. منها: أن يخوفهما القاضي بالله تعالى، ويعظهما ويقول: عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا، ويقرأ عليهما: * (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) * الآية. ويقول: قال رسول الله (ص) للمتلاعنين: حسابكما على الله، أحدكما كاذب، فهل منكما من تائب؟.
وإذا فرغ من الكلمات الأربع، بالغ في تخويفه وتحذيره، وأمر رجلا أن يضع يده على فيه لعله ينزجر، وتضع امرأة يدها على فم المرأة إذا بلغت كلمة الغضب، فإن أبيا إلا المضي، لقنهما الخامسة.
ومنها: أن يتلاعنا من قيام، ومنها: إذا كان بالمدينة، فقد ذكرنا أنه يلاعن عند منبر رسول الله (ص)، هذا لفظ الشافعي في المختصر وقال في موضع:
يلاعن على المنبر، وللأصحاب في صعود الملاعن المنبر أوجه. أصحها:
يصعد، والثاني: لا، والثالث: إن كثر القوم، صعده ليروه، وإلا فعنده. وطرد المتولي الخلاف في صعود المنبر في غير المدينة.
الطرف الخامس: في أحكام اللعان. قد سبق أكثرها في ضمن ما تقدم.
واعلم أن الزوج لا يجبر على اللعان بعد القذف، بل له الامتناع، وعليه حد القذف كالأجنبي، وكذا المرأة لا تجبر على اللعان بعد لعانه، ويتعلق بلعان الزوج خمسة أحكام. أحدها: حصول الفرقة ظاهرا وباطنا، سواء صدقت أم صدق. وقيل: إن صدقت لم تحصل باطنا، والصحيح الأول، وهي فرقة فسخ. الثاني: تأبد التحريم. الثالث: سقوط حد القذف عنه. الرابع: وجوب الزنا عليها. الخامس:
انتفاء النسب إذا نفاه باللعان.
قلت: وقد سبقت أحكام أخر في أول الباب. والله أعلم.
ثم هذه الأحكام تتعلق بمجرد لعان الزوج، ولا يتوقف شئ منها على لعانها، ولا قضاء القاضي، ولا يتعلق من هذه الأحكام بإقامة البينة على زناها إلا دفع حد