الفصل الثالث: إذا اجتمع للمحتاج واحد من أصوله، وآخر من فروعه، ففيه الأوجه الخمسة، فيقدم الأقرب في وجه، والوارث في وجه، والولي في وجه، والذكر في وجه، ويستوي الذكر والأنثى في وجه، وإذا وجبت النفقة على وارثين، جاء الخلاف في أن التوزيع بالسوية، أم بحسب الإرث؟ فلو كان له أب وابن، فهل النفقة على الابن أم الأب أم عليهما؟ فيه أوجه، أصحها: الأول لأن عصوبته أقوى، ولأنه أولى بالقيام بشأن الوالد، وتجري هذه الأوجه في أب وبنت، وفي جد وابن ابن، وتجري أيضا في أم وبنت على المذهب، وقيل: يقطع بأنها على البنت، قاله القاضي أبو حامد وغيره. وفي أم وابن طريقان، أحدهما: طرد الأوجه الثلاثة، والثاني: القطع بتقديم الابن، لضعف الإناث عن تحمل المؤن، ويجري الطريقان في جد وابن، وفي أب وابن ابن، وقال البغوي: الأصح أنه لا نفقة على الأصول ما دام يوجد واحد من الفروع، قريبا كان أو بعيدا، ذكرا أو أنثى.
الفصل الرابع: في ازدحام الآخذين، فإذا اجتمع على الشخص الواحد محتاجون ممن تلزمه نفقتهم، نظر، إن وفى ماله أو كسبه بنفقتهم، فعليه نفقة الجميع، قريبهم وبعيدهم، وإن لم يفضل عن كفاية نفسه إلا نفقة واحد، قدم نفقة الزوجة على نفقة الأقارب، هذا أطبق عليه الأصحاب لأن نفقتها آكد، فإنها لا تسقط بمضي الزمان، ولا بالاعسار، ولأنها وجبت عوضا، واعترض الامام بأن نفقتها إذا كانت كذلك، كانت كالديون، ونفقة القريب في مال المفلس تقدم على الديون، وخرج لذلك احتمالا في تقديم القريب، وأيده بالحديث أن رجلا قال للنبي (ص): معي دينار؟ فقال: أنفقه على نفسك فقال: معي آخر؟ فقال:
أنفقه على ولدك، فقال: معي آخر؟ فقال: أنفقه على أهلك. فقدم نفقة الولد على الأهل، وفي التتمة وجه أن نفقة الولد الطفل تقدم على نفقة الزوجة، وأما الذين ينفق عليهم بالقرابة، فتعود فيهم الأوجه في أنه يصرف الفاضل إلى الأقرب، أو الوارث، أو الولي، وعلى الوجه الرابع القائل هناك أنها على الذكر، يصرف الفاضل هنا إلى الأنثى لعجزها، ويسوى في الوجه الخامس بين