فاجتهد فأصاب فله أجران إذا اجتهد فأخطأ فله أجر) قال يزيد بن الهاد فحدثت بهذا الحديث أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فقال هكذا حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة فإن قال قائل فما معنى هذا؟ قيل ما وصفت من أنه إذا اجتهد فجمع الصواب بالاجتهاد وصواب العين التي اجتهد كان له حسنتان وإذا أصاب الاجتهاد وأخطأ العين التي أمر يجتهد في طلبها كانت له حسنة ولا يثاب من يؤدي في أن يخطئ العين ويحسن من يؤدي أن يكف عنه وهذا يدل على ما وصفت من أنه لم يكلف صواب العين في حال فإن قيل ذم الله على الاختلاف قيل الاختلاف وجهان فما أقام الله تعالى به الحجة على خلقه حتى يكونوا على بينة منه ليس عليهم إلا اتباعه ولا لهم مفارقته فإن اختلفوا فيه فذلك الذي ذم الله عليه والذي لا يحل الاختلاف فيه فإن قال فأين ذلك؟ قيل قال الله تعالى (وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد؟ ما جاءتهم البينة) فمن خالف نص كتاب لا يحتمل التأويل أو سنة قائمة فلا يحل له الخلاف ولا أحسبه يحل له خلاف جماعة الناس وإن لم يكن في قولهم كتاب أو سنة ومن خالف في أمر له فيه الاجتهاد فذهب إلى معنى يحتمل ما ذهب إليه ويكون عليه دلائل لم يكن في (1) من خلاف لغيره وذلك أنه لا يخالف حينئذ كتابا نصا ولا سنة قائمة ولا جماعة ولا قياسا بأنه إنما نظر في القياس فأداه إلى غير ما أدى صاحبه إليه القياس كما أداه في التوجه للبيت بدلالة النجوم إلى غير ما أدى إليه صاحبه فإن قال ويكون هذا في الحكم؟ قيل نعم فإن قيل فمثل هذا إذا كان في الحكم دلالة على موضع الصواب قيل قد عرفناها في بعضه وذلك أن تنزل نازلة تحتمل أن تقاس فيوجد لها في الأصلين شبه فيذهب ذاهب إلى أصل والآخر إلى أصل غيره فيختلفان فإن قيل فهل يوجد السبيل إلى أن يقيم أحدهما على صاحبه حجة في بعض ما اختلفا فيه؟ قيل نعم إن شاء الله تعالى بأن تنظر النازلة فإن كانت تشبه أحد الأصلين في معنى والآخر في اثنين صرفت إلى الذي أشبهته في الاثنين دون الذي أشبهته في واحد وهكذا إذا كان شبيها بأحد الأصلين أكثر فإن قال قائل فمثل من هذا شيئا قيل لم يختلف الناس في أن لا دية للعبد يقتل خطأ مؤقتة إلا قيمته فإن كانت قيمته مائة درهم أو أقل أو أكثر إلى أن تكون أقل من عشرة آلاف درهم فعلى من قتله وذهب بعض المشرقيين إلى أنه إن زادت ديته على عشرة ألاف درهم نقصها من عشرة ألاف درهم وقال لا أبلغ بها دية حر وقال بعض أصحابنا نبلغ بها دية أحرار فإذا كان ثمنه مائة درهم لم يزد عليها صاحبه لأن الحكم فيها أنها ثمنه وكذلك إذا زادت على دية أحرار أخذها سيده كما تقتل له دابة تسوى ديات أحرار فتؤخذ منه كان وهذا عندنا من قول من قال من المشرقيين أمرا لا يجوز الخطأ فيه لما وصفت ثم عاد بعض المشرقيين فقال يقتل العبد بالعبد وآخذ الأحرار بالعبيد ولا يقص العبد من حر ولا من العبد فيما دون النفس فقلت لبعض من تقدم منهم ولم قتلتم العبد والإعبد بالعبد قودا ولم تقيدوا العبد من العبد فيما دون النفس؟ قال من أصل ما ذهبنا إليه في العبيد إذا قتلوا خطأ أن فيهم أثمانهم وأثمانهم كالدواب والمتاع فقلنا لا نقص لبعضهم من بعض في الجراح لأنهم أموال فقلت لهم أفيقاس القصاص على الديات والأثمان أم القصاص مخالف للديات والأثمان؟ فإن كان يقاس على الديات فلم تصنع شيئا قتلت عبدا يسوى ألف دينار بعبد يسوى خمسة دنانير وقتلت به عبيدا كلهم ثمنه أكثر من ثمنه ولم تصنع شيئا حين قتلت بعض العبيد ببعض وأنت تمثلهم بالبهائم والمتاع وأن لا تقتل بهيمة ببهيمة لو قتلتها فإن زعمت أن الديات أصل
(٣١٨)