فذلك يدخل عليه فيما سواه من الاحكام فيقال فيمن ترك عليه السلام قتله أو قتله جعل هذا له خاصة وليس هذا لاحد إلا بأن تأتى دلالة على أن أمرا جعل خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإلا فما صنع عام على الناس الاقتداء به في مثله إلا ما بين هو أنه خاص أو كانت عليه دلالة بخبر (قال الشافعي) وقد عاشروا أبا بكر وعمر وعثمان أئمة الهدى وهم يعرفون بعضهم فلم يقتلوا منهم أحدا ولم يمنعوه حكم الاسلام في الظاهر إذ كانوا يظهرون الاسلام وكان عمر يمر بحذيفة بن اليمان إذا مات ميت فإن أشار عليه أن اجلس جلس واستدل على أنه منافق ولم يمنع من الصلاة عليه مسلما وإنما يجلس عمر عن الصلاة عليه أن الجلوس عن الصلاة عليه مباح له في غير المنافق إذا كان لهم من يصلى عليهم سواه وقد يرتد الرجل إلى النصرانية ثم يظهر التوبة منها وقد يمكن فيه أن يكون مقيما عليه لأنه قد يجوز له ذلك عنده بغير مجامعة النصارى ولا غشيان الكنائس فليس في ردته إلى دين لا يظهره إذا أظهر التوبة شئ يمكن بأن يقول قائل لا أجد دلالة على توبته بغير قوله إلا وهو يدخل في النصرانية وكل دين يظهره ويمكن فيه قبل أن يظهر ردته أن يكون مشتملا على الردة فإن قال قائل لم أكلف هذا إنما كلفت ما ظهر والله ولى ما غاب فأقبل القوم بالايمان إذا قاله ظاهرا وأنسبه إليه وأعمل به إذا عمل فهذا واحد في كل أحد سواء لا يختلف ولا يجوز أن يفرق بينه إلا بحجة إلا أن يفرق الله ورسوله بينه ولم نعلم لله حكما ولا لرسوله صلى الله عليه وسلم يفرق بينه وأحكام الله ورسوله تدل على أن ليس لأحد أن يحكم على أحد إلا بظاهر والظاهر ما أقر به أو ما قامت به بينة تثبت عليه فالحجة فيما وصفنا من المنافقين وفى الرجل الذي استفتى فيه المقداد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قطع يده على الشرك وقول النبي صلى الله عليه وسلم " فهلا كشفت عن قلبه؟ " يعنى أنه لم يكن له إلا ظاهرة وفى قول النبي صلى الله عليه وسلم في المتلاعنين " إن جاءت به أحمر كأنه وحرة فلا أراه إلا قد كذب عليها وإن جاءت به أديعج جعدا فلا أراه إلا قد صدق " فجاءت به على النعت المكروه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن أمره لبين لولا ما حكم الله " وفى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلى فلعل بعضكم أن يكون الحن بحجته من بعض وأقضى له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له بشئ من حق أخيه فلا يأخذ به فإني إنما أقطع له قطعة من النار " (قال الشافعي) ففي كل هذا دلالة بينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يقض إلا بالظاهر فالحكام بعده أولى أن لا يقضوا إلا على الظاهر ولا يعلم السرائر إلا الله عز وجل والظنون محرم على الناس ومن حكم بالظن لم يكن ذلك له والله تعالى أعلم (قال الشافعي) وإذا ارتد الرجل أو المرأة عن الاسلام فهرب ولحق بدار الحرب أو غيرها وله نساء وأمهات أولاد ومكاتبون ومدبرون ومماليك وأموال ماشية وأرضون وديون له عليه أمر القاضي نساءه أن يعتددن وأنفق عليهن من ماله وإن جاء تائبا وهو في عدتهن فهو على النكاح وإن لم يأت تائبا حتى تمضى عدتهن فقد انفسخن منه وينكحن من شئن ووقف أمهات الأولاد فمتى جاء تائبا فهن في ملكه وينفق عليهن من ماله فإن مات أو قتل عتقن وكان مكاتبوه على كتابتهم وتؤخذ نجومهم فإن عجزوا رجعوا رقيقا ونظر فيمن بقي من رقيقه فإن كان حبسهم أزيد في ماله حبسهم أو من كان منهم يزيد في ماله بخراج أو بصناعة أو كفاية لضيعة وإن كان حبسهم ينقص من ماله أو حبس بعضهم باع من كان حبسه منهم ناقصا لماله وهكذا يصنع في ماشيته وأرضه ودوره ورقيقه ويقتضي دينه ويقضى عنه ما حل من دين عليه فإن رجع تائبا سلم إليه ما وقف من ماله وإن مات أو قتل على ردته كان ما بقي من ماله فيئا (قال الشافعي) وإن جنى في ردته جناية لها أرش أخذ من ماله وإن جنى
(٢٩٧)