ورثته فيردون عليه لأنه ماله ومن أتلف من ورثته شيئا مما قضينا له به ميراثا لم يضمنه (قال الشافعي) فقلت لاعلى من قال هذا القول عندهم أصول العلم عندك أربعة أصول أوجبها وأولاها أن يؤخذ به فلا يترك كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فلا أعلمك إلا قد جردت خلافهما ثم القياس والمعقول عندك الذي يؤخذ به بعد هذين الاجماع فقد خالفت القياس والمعقول وقلت في هذا قولا متناقضا (قال) فأوحدني ما وصفت قلت له قال الله تبارك وتعالى " إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد " مع ما ذكر من آي المواريث ألا ترى أن الله عز وجل إنما ملك الاحياء بالمواريث ما كان الموتى يملكون إذا كانوا أحياء؟ قال: بلى (قلت) والاحياء خلاف الموتى؟ قال: نعم (قلت) أفرأيت المرتد ببعض ثغورنا يلحق بمسلحة لأهل الحرب يراها فيكون قائما بقتالنا أو مترهبا أو معتزلا لا تعرف حياته فكيف حكمت عليه حكم الموتى وهو حي؟ بخبر قلته أم قياسا (قال) ما قلته خبرا (قلت) وكيف عبت أن حكم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان في امرأة المفقود تربص أربع سنين ثم تعتد ولم يحكما في ما له فقلت سبحان الله يجوز ان يحكم عليه بشئ من حكم الموتى وإن كان الأغلب أنه ميت لأنه قد يكون غير ميت ولا يحكم عليه إلا بيقين وحكمت أنت عليه في ساعة من نهار حكم الموتى في كل شئ برأيك ثم قلت فيه قولا متناقضا (قال) فقال إلا تراني لو أخذته فقتلته (قلت) وقد تأخذه فلا تقتله بأخذه مبرسما أو أخرس فلا تقتله حتى يفيق فنستتيبه قال نعم (قال) وقلت له أرأيت لو كنت إذا أخذته قتلته أكان ذلك يوجب عليه حكم الموتى وأنت لم تأخذه ولم تقتله وقد تأخذه ولا تقتله بأن يتوب بعدما تأخذه وقبل تغير حاله بالخرس؟ (قال) فإني أقول إذا ارتد ولحق بدار الحرب فحكمه حكم ميت (قال) فقلت له أفيجوز أن يقال ميت يحيا بغير خبر؟ فإن جاز هذا لك جاز لغيرك مثله ثم كان لأهل الجهل أن يتكلموا في الحلال والحرام (قال) وما ذلك لهم (قلت) ولم؟ (قال) لان على أهل العلم أن يقولوا من كتاب أو سنة أو أمر مجمع عليه أو أثر أو قياس أو معقول ولا يقولون بما يعرف الناس غيره إلا أن يفرق بين ذلك كتاب أو سنة أو إجماع أو أثر ولا يجوز في القياس أن يخالف (قلت) هذا سنة؟ قال: نعم (قلت) فقد قلت بخلاف الكتاب والقياس والمعقول (قال) فأين خالفت القياس؟ (قلت) أرأيت حين زعمت أن عليك إذا ارتد ولحق بدار الحرب أن تحكم عليه حكم الموتى وأنك لا ترد الحكم إذا جاء لأنك إذا حكمت به لزمك إن جاءت سنة فتركته لم تحكم عليه في ماله عشر سنين حتى جاء تائبا ثم طلب منك من كنت تحكم في ماله حكم الموتى أن تسلم ذلك إليه وقال قد لزمك أن تعطينا هذا بعد عشر سنين؟ قال: ولا أعطيهم ذلك وهو أحق بماله (قلت) له فإن قالوا إن كان هذا لزمك فلا يحل لك إلا أن تعطيناه وإن كان لم يلزمك إلا بموته فقد أعطيتناه في حال ولا يحل لك ولا لنا ما أعطيتنا منه (قال الشافعي) وقلت له أرأيت إذ زعمت أنك إذا حكمت عليه بحكم الموتى فهل يعدو الحكم فيه أن يكون نافذا لا يرد أو موقوفا عليه يردد إذا جاء (قال) ما أقول بهذا التحديد (قلت) أفتفرق بينه بخبر يلزمه فنتبعه؟ (قال) لا، فقلت إذا كان خلاف القياس والمعقول وتقول بغير خبر أيجوز؟ قال: إنما فرق أصحابكم بغير خبر (قلت) أفرأيت ذلك ممن فعله منهم صوابا؟ قال: لا (قلت) أو رأيت أيضا قولك إذا كان عليه دين إلى ثلاثين سنة فلحق بدار الحرب فقضيت صاحب الدين دينه وهو مائة ألف دينار وأعتقت أمهات أولاده ومدبريه وقسمت ميراثه بين أبنيه فأصاب كل واحد منهما ألف دينار فأتلف أحدهما نصيبه والآخر بعينه ثم جاء مسلما من يومه أو غده فقال: أردد على ما لي فهو هذا وهؤلاء أمهات أولادي، ومدبري
(٢٩٩)