منع الزكاة إذ كانت فريضة من فرائض الله جل ثناؤه ونصب دونها أهلها فلم يقدر على أخذها منهم طائعين ولم يكونوا مقهورين عليها فتؤخذ منهم كما تقام عليهم الحدود كارهين وتؤخذ أموالهم لمن وجبت له بزكاة أو دين كارهين أو غير كارهين فاستحلوا قتالهم والقتال سبب القتل فلما كانت الصلاة وإن كان تاركها في أيدينا غير ممتنع منا فإنا لا نقدر على أخذ الصلاة منه لأنها ليست بشئ يؤخذ من يديه مثل اللقطة والخراج والمال قلنا أن صليت وإلا قتلناك كما يفكر فنقول إن قبلت الايمان وإلا قتلناك إذا كان الايمان لا يكون إلا بقولك وكانت الصلاة والايمان مخالفين معا ما في يديك وما نأخذ من مالك لأنا نقدر على أخذ الحق منك في ذلك وإن كرهت فإن شهد عليه شهود إنه ترك الصلاة سئل عما قالوا فإن قال كذبوا وقد يمكنه أن يصلي حيث لا يعلمون صدق وإن قال نسيت صدق وكذلك لو شهدوا أنه صلى جالسا وهو صحيح فإن قال: أنا مريض أو تطوعت صدق (قال الشافعي) وقد قيل يستتاب تارك الصلاة ثلاثا. وذلك إن شاء الله تعالى حسن فإن صلى في الثلاث وإلا قتل وقد خالفنا بعض الناس فيمن ترك الصلاة إذا أمر بها وقال لا أصليها فقال لا يقتل وقال بعضهم أضربه وأحبسه وقال بعضهم أحبسه ولا أضربه وقال بعضهم لا أضربه ولا أحبسه وهو أمين على صلاته (قال الشافعي) فقلت لمن يقول لا أقتله: أرأيت الرجل تحكم عليه بحكم برأيك وهو من أهل الفقه فيقول قد أخطأت الحكم ووالله لا أسلم ما حكمت به لمن حكمت له قال فإن قدرت على أخذه منه أخذته منه ولم ألتفت إلى قوله وإن لم أقدر ونصب دونه قاتلته حتى آخذه أو أقتله فقلت له: وحجتك أن أبا بكر قاتل من منع الزكاة وقتل منهم! قال: نعم، قلت: فإن قال لك: الزكاة فرض من الله لا يسع جهله وحكمك رأى منك يجوز لغيرك عندك وعند غيرك أن يحكم بخلافه فكيف تقتلني على ما لست على ثقة من أنك أصبت فيه كما تقتل من منع فرض الله عز وجل في الزكاة الذي لا شك فيه؟ قال: لأنه حق عندي وعلى جبرك عليه (قلت) قال لك ومن قال لك إن عليك جبري عليه؟ قال: إنما وضع الحكام ليجبروا على ما رأوا (قلت) فإن قال لك على ما حكموا به من حكم الله أو السنة أو ما لا اختلاف فيه؟ قال قد يحكمون بما فيه الاختلاف (قلت) فإن قال فهل سمعت بأحد منهم قاتل على رد رأيه فتقتدي به؟
فقال: وأنا لم أجد هذا فإني إذا كان لي الحكم فامتنع منه قاتلته عليه (قلت) ومن قال لك هذا؟
(وقلت) أرأيت لو قال لك قائل: من ارتد عن الاسلام إذا عرضته عليه فقال قد عرفته ولا أقول به أحبسه وأضربه حتى يقول به قال ليس ذلك له لأنه قد بدل دينه ولا يقبل منه إلا أن يقول به قلت:
أفتعدو الصلاة إذ كانت من دينه وكانت لا تكون إلا به كما لا يكون القول بالايمان إلا به أن يقتل على تركها أو يكون أمينا فيها كما قال بعض أصحابك فلا نحبسه ولا نضربه؟ قال لا يكون أمينا عليها إذا ظهر لي أنه لا يصليها وهي حق عليه قلت أفتقتله برأيك في الامتناع من حكمك برأيك وتدع قتله في الامتناع من الصلاة التي هي أبين ما افترض الله عز وجل عليه بعد توحيد الله وشهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم والايمان بما جاء به من الله تبارك وتعالى؟ (1)