ومن البديهي أن عامة الناس - بتعصبهم لعقائدهم - ورجال الأديان والمذاهب - بتصلبهم وتشددهم لحفظ أتباعهم - والملوك والحكام - بخوفهم من يقظة شعوبهم - لو استطاعوا مواجهة القرآن لما تأخروا عن ذلك لحظة.
أفتظن أنه لو كانت لهم القدرة على المعارضة في هذه المسابقة التي يفوق السابق بها في الدين والدنيا، ما فعلوا ذلك؟!
نعم، إنهم جميعا بذلوا كل جهدهم لمواجهة تحدي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لهم بالقرآن، وفيهم علماء وشعراء وخطباء، كانوا أعلاما في الفصاحة والبلاغة، يتسابقون كل سنة في سوق عكاظ الشهير وغيره، ويعلقون القصائد الفائزة بإعجاب على الكعبة، وكان أشهرها المعلقات السبع.
لقد حرصوا على الإنتصار لدينهم ودنياهم المهددين بالقرآن، ولكنهم رجعوا خائبين خاسئين، ولم يجدوا جوابا إلا أن قالوا: {ان هذا إلا سحر مبين} (1).
وقد جاء في التاريخ أن أبا جهل قصد الوليد بن المغيرة الذي كان مرجع فصحاء العرب، وطرح معه مشكلة تحدي محمد لهم بالقرآن، فقال له: فما أقول فيه! فوالله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه مني ولا بقصيده، ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا! ووالله إن لقوله حلاوة، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو ولا يعلى!
قال أبو جهل: لا والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه!
قال: دعني حتى أفكر فيه!
فلما فكر، قال: هذا سحر يأثره عن غيره (2).