منهم لا يقهره كبيرها، ولا يتشتت عليه كثيرها، ومهما كان في كتابك من عيب فتغابيت عنه ألزمته.
ثم استوص بالتجار وذوي الصناعات وأوص بهم خيرا: المقيم منهم والمضطرب بماله، والمترفق ببدنه; فإنهم مواد المنافع، وأسباب المرافق وجلابها من المباعد المطارح في برك وبحرك وسهلك وجبلك، وحيث لا يلتئم الناس لمواضعها ولا يجترنؤن عليها; فإنهم سلم لا تخاف بائقته (1) وصلح لا تخشى غائلته، وتفقد أمورهم بحضرتك وفي حواشي بلادك.
واعلم - مع ذلك - أن في كثير منهم ضيقا فاحشا، وشحا قبيحا واحتكارا للمنافع، تحكما في البياعات، وذلك باب مضرة للعامة وعيب على الولاة; فامنع من الاحتكار فان رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، منع منه. وليكن البيع بيعا سمحا: بموازين عدل، وأسعار لا تجحف بالفريقين من البائع والمبتاع فمن قارف حكرة بعد نهيك إياه فنكل به; وعاقبه في غير إسراف.
ثم الله الله في الطبقة السفلى من الذين لا حيلة لهم من المساكين والمحتاجين وأهل البؤسى والزمنى (2) فإن في هذه الطبقة قانعا ومعترا (3); واحفظ لله ما استحفظك من حقه فيهم، واجعل لهم قسما من بيت مالك، وقسما من غلات صوافي الإسلام في كل بلد (4); فإن للأقصى منهم مثل الذي للأدنى، وكل قد استرعيت حقه; فلا يشغلنك عنهم بطر (5) فإنك لا تعذر بتضييعك التافه (6) لإحكامك الكثير المهم، فلا تشخص همك عنهم لا تصعر. (7) خدك لهم، وتفقد أمور من لا يصل إليك منهم ممن