دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية - الشيخ المنتظري - ج ٤ - الصفحة ٣٠٨
ثم اعلم، يا مالك أني قد وجهتك إلى بلاد قد جرت عليها دول قبلك من عدل وجور، وأن الناس ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك، ويقولون فيك ما كنت تقول فيهم، وإنما يستدل على الصالحين بما يجري الله لهم على ألسن عباده، فليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح، فاملك هواك وشح بنفسك عما لا يحل لك فإن الشح بالنفس الإنصاف منها فيما أحبت أو كرهت.
وأشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبة لهم، واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا (1) تغتنم أكهلهم فإنهم صنفان: إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق، يفرط منهم الزلل، وتعرض لهم العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ فأعطهم من عفوك صفحك مثل الذي تحب أن يعطيك الله من عفوه وصفحه، فإنك فوقهم ووالي الأمر عليك فوقك، والله فوق من ولاك! وقد استكفاك أمرهم وابتلاك بهم، ولا تنصبن نفسك لحرب الله فإنه لا يدي لك بنقمته (2)، ولا غنى بك عن عفوه ورحمته، ولا تندمن على عفو، ولا تبجحن بعقوبة (3)، ولا تسر عن إلى بادرة (4) وجدت منها مندوحة، ولا تقولن إني مؤمر آمر فأطاع فإن ذلك إدغال في القلب، ومنهكة للدين، وتقرب من الغير. (5) وإذا أحدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبهة أو مخيلة فانظر إلى عظم ملك الله فوقك وقدرته منك على ما لا تقدر عليه من نفسك; فإن ذلك يطامن إليك من طماحك، ويكف عنك من غربك، ويفئ إليك بما عزب عنك من عقلك. (6) إياك ومساماة الله في عظمته (7) والتشبه به في جبروته; فإن الله يذل كل جبار، يهين كل مختال.

1 - ضري الكلب بالصيد: تعوده وأولع به، تطعم بلحمه ودمه.
2 - أي لا تقدر على دفع نقمته.
3 - بجح بالشيء: فرح به.
4 - البادرة: ما يبدر من الحدة عند الغضب.
5 - الإدغال: إدخال الفساد. والمنهكة: المضعفة. والغير بالكسر فالفتح: حوادث الدهر.
6 - الطماح: الجماح. ويطامن منه: يحفض منه. والغرب: الحدة. ويفئ: يرجع.
7 - المساماة: المغالبة في السمو والعلو.
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 303 304 305 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الفصل الخامس من الباب الثامن في الأنفال 1
2 وفيه جهات من البحث الجهة الأولى: في تفسير آية الأنفال ومعنى الأنفال والمقصود منها في الآية وفى فقه الفريقين 1
3 الجهة الثانية: في معنى كون الأنفال للإمام 18
4 الجهة الثالثة: في بيان الأنفال بالتفصيل 30
5 العناوين المشهورة للأنفال والاستدلال عليها: الأول: الأرض التي تملك من غير قتال ولم يوجف عليها بخيل ولا ركاب 32
6 الثاني: الأرضون الموات 36
7 معنى الموات والخراب 42
8 الثالث: الأرض التي لا رب لها 45
9 الرابع: رؤوس الجبال وبطون الأدوية وكذا الآجام 47
10 الخامس: سيف البحار 52
11 السادس: قطائع الملوك وصفاياهم 52
12 السابع مما يكون للإمام بما هم إمام: صفايا الغنيمة 56
13 الثامن مما يكون للإمام بما هو إمام: ما يغنمه المقاتلون بغير اذن الإمام 61
14 التاسع: المعادن مطلقا على قول قوى 68
15 العاشر: ميراث من لا وارث له 82
16 التعرض للاخبار التي يتوهم معارضتها في المقام 86
17 التعرض لاختلاف كلمات أصحابنا في حكم ميراث من لا وارث له في عصر الغيبة 94
18 الحادي عشر: البحار 98
19 الثاني عشر: الأرض المعطلة ثلاث سنين على قول 100
20 الجهة الرابعة: في حكم الأنفال وتملكها والتصرف فيها ولا سيما في عصر الغيبة 103
21 ونتعرض لذلك في مسائل: المسألة الأولى: في أن الأنفال لله وللرسول وبعده للإمام بما هو إمام 103
22 المسألة الثانية: في أنه لا يجوز التصرف فيها إلا باذن الامام خصوصا أو عموما وانه هل ثبت فيها التحليل أم لا؟ 107
23 التعرض لتفسير العناوين الثلاثة (المناكح والمساكن والمتاجر) والأخبار الواردة في المقام وبيان مقدار الدلالة فيها 120
24 تحليل المناكح 122
25 تحليل المساكن 127
26 تحليل المتاجر 134
27 خاتمة: نتعرض فيها لأمور ترتبط بأخبار التحليل 138
28 المسألة الثالثة: فيما ورد في احياء الأرضين الموات والترغيب فيه وأحقية المحيى بها 148
29 يشترط في جواز الاحياء إذن الإمام 156
30 المسألة الرابعة: في بيان شروط الإحياء 166
31 المسألة الخامسة: في إشارة اجمالية إلى مفاد الإحياء والتحجير وما به يتحققان 177
32 بقي هنا أمران: الامر الأول: هل يختلف صدق الإحياء بحسب ما يقصد من العمارة أم لا؟ 183
33 الأمر الثاني: في التحجير وأحكامه 185
34 المسألة السادسة: هل الإحياء في الأرض الموات يوجب مالكية المحيى لرقبة الأرض أو لا يوجب إلا أحقية المحيى بها؟ 194
35 أخبار المسألة 200
36 المسألة السابعة: في أن الاسلام شرط أم لا؟ 216
37 المسألة الثامنة: في حكم الأرض المحياة إذا صارت مواتا 229
38 الفصل السادس في إشارة اجمالية إلى حكم سائر الضرائب التي ربما تمس الحاجة إلى تشريعها ووضعها زائدا على الزكوات الأخماس والخراج والجزايا المعروفة المشروعة 257
39 وفيه جهات من البحث الجهة الأولى: في التعرض لأخبار متفرقة يظهر منها إجمالا ذم العشارين 258
40 الجهة الثانية: في التعرض لبعض كلمات الأعلام وللأخبار الواردة في العشور 264
41 الاخبار الواردة في العشور 271
42 الجهة الثالثة: في البحث في ضرائب أخرى غير الضرائب المعروفة 286
43 نكات ينبغي الإشارة إليها 296
44 خاتمة الكتاب نذكر فيها كتاب أمير المؤمنين (عليه السلام) وعهده إلى مالك الأشتر 301
45 سند عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى مالك الأشتر 303
46 عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى مالك الأشتر 307