يستقبحه المجتمع لخلاعته من الحدود وإخلاله بالمصلحة العامة ومنعه عن القيام بحاجة المجتمع الضرورية في حياتهم.
رابعا: أن القول بكون التمتع من أنواع الزنى الدائرة في الجاهلية اختلاف في التاريخ واصطناع لا يرجع إلى مدرك تاريخي، إذ لا عين منه في كتب التاريخ ولا أثر بل هو سنة مبتكرة اسلامية وتسهيل من الله تعالى على هذه الأمة لإقامة أودهم، ووقايتهم من انتشار الزنى.
وكون الزنى فاشيا في الإماء دون الحرائر مما لا أصل له يركن إليه فان الشواهد التاريخية المختلفة المتفرقة تؤيد خلاف ذلك، كالأشعار التي قيلت في ذلك، وقد تقدم في رواية ابن عباس أن أهل الجاهلية لم تكن ترى بالزنى بأسا إذا لم يكن علنيا. ويدل عليه مسألة الإدعاء والتبني الدائر في الجاهلية فان الإدعاء لم يكن بينهم مجرد تسمية ونسبة، بل كان ذلك أمرا دائرا بينهم، يبتغي به أقوياؤهم وتكثير العدة والقوة بالالحاق، ويستندون فيه إلى زنى ارتكبوه مع الحرائر حتى ذوات الأزواج منهن، وأما الإماء فهم ولا سيما أقوياؤهم يعيبون الاختلاط بهن والمعاشقة والمغازلة معهن. (1) ويقول في موضع آخر: وهذا الكلام المبني على الصفح عما يدل عليه الكتاب والحديث والاجماع والتاريخ، يتم به تحول الأقوال في هذه المسألة تحولها العجيب: فقد كانت سنته قائمه في عهد النبي (صلى الله عليه وآله) ثم نهي عنا في عهد عمر ونفذ النهي عند عامة الناس، ووجه النهي بانتساخ آية الاستمتاع بآيات أخرى أو بنهي النبي (صلى الله عليه وآله) عنها وخالف في ذلك عده من الأصحاب وجم غفير ممن تبعهم من فقهاء الحجاز واليمن وغيرهم حتى مثل ابن جريج من أئمة الحديث وكان يبالغ في التمتع حتى تمتع بسبعين امرأة، ومثل مالك أحد أئمة الفقه الأربعة، هذا، ثم أعرض المتأخرون من أهل التفسير عن دلالة آية الاستمتاع على المتعة وراموا تفسيرها بالنكاح الدائم وذكروا أن المتعة كانت سنة من النبي (صلى الله عليه وآله) ثم نسخت بالحديث، ثم راموا في هذه الأواخر أنها كانت من أنواع الزنى في الجاهلية رخص فيها النبي (صلى الله عليه وآله)