كل منهما إلى الاخر نظرة ثابتة (وهو محال بالنسبة لهؤلاء). حيث أن النسيم المعطر للمعشوقة لم يكد يشم منه شئ وألحان نغمات حنجرتها لم يكد يسمع منها صوت، وجميل منظرها المشبه بالحور لا يرى منه شئ، ووردة بسمتها لا تتفتح مرة أخرى. وطراوة خدها آلت إلى الذبول، قد أثلجت حرارة أنفاسها ومرآة وجهها غطاها غبار التنافر، وشبع كل منهما من النظر للآخر، وأصبح مس كل واحد منها للثاني مس الميت ففي ذلك الوقت تظهر الحقيقة. فإذا لم تكن بينهما معاهدة سابقة ولم يكن عقد يقيد أحدهما بالآخر قد وافقا عليه ابتداء، ففي ذلك الوقت تتلاشى حياتهم بأبسط ذريعة وتتبدد علقتهما بأقل حجه، وسيمحي كل واحد منهما عشيقه السابق من ديوان عشقه، وسيحل احساس تفريطي آخر ليقرر مصيرا مخالفا ومناقضا باتجاه معاكس، وسيفهم المستقبل بأن رؤيتهما في كلتا الحالتين لم تكن بأكثر من سراب، وان المعاشقة الحرة قادتهما إلى الفناء وتبدد الأحلام. وقد حملهم الزواج اللا مقيد مشاكل غير قابلة للحل حيث أنجبوا أطفالا غير نجباء، والذين تضج من وجودهم الجوامع البشرية، وسبب ذلك لأن الأبوين غفلا عن حقائق الحياة.
عقد الزواج وتشريعه يعقد حياة كليهما، ويجعل كل واحد من الزوجين يحس بمسؤوليته الشرعية والقانونية تجاه الأخر.
يقول الكاتب الروسي (إيليا هرنبورك) في مقال تحت عنوان: الزواج في روسيا:
إن روسيا أرادت أن تقضي على عقود الزواج وتشريفاته وقسم الوفاء وأصرت إصرارا شديدا على ذلك، حيث منحت الحرية المطلقة، وبالنهاية قضي على أصول الزواج حيث لم يبق في النهاية سوى العمل الجنسي، وبعد مضي فترة من الزمن أدركت الحكومة خطأها وعرفت أن رعاية الأصول والتشريفات للزواج مرتبطة بمعتقدات الاشخاص، ولها الأثر الكبير في دوام علقة الزواج للزوجين.
ويقول الكاتب الفرنسي (اندره مورا) في مقال تحت عنوان: الميول الجنسية والمعاشقة، والذي طبع قسم منه في مجلة الهلال العربية: إن اتباع الزواج الحر