للتراجع، والسلفية في هذا اليوم ينظرون إلى تلكم الأقوال والمرويات واجتهاد العلماء الماضين المبنية على أصول غير متينة والتي كتبت في عهد الحكام الظالمين وطبق رغباتهم وتحت إشرافهم، وقد اعتبروها وكأنها وحي واجتهادهم فوق الوحي وأعلى رتبة من سنة النبي (صلى الله عليه وآله)، وعلى هذا أصبح اللعب بكتاب الله ووضع الحديث والاعتماد على الوضاعين جائزا.
وفي المقابل توجد عشرات الأحاديث التي تجاوزت حد التواتر ورواها عشرات الصحابة والتابعين من عشرات الطرق والمؤيدة بكلام الله العزيز، وهي تشكل الأساطين للبناء الفكري للإنسان المسلم والتي حفلت بها أمهات كتبهم، كيف تصبح نسيا منسيا؟
أو لا تعجب معي أيها المسلم عندما يقف النبي (صلى الله عليه وآله) في حر الهجير وبأمر من الباري عز وجل وبحضور سبعين إلى مئة الف من الحجاج، ولأجل تقرير مصير الأمة الإسلامية بل ومصير الإسلام لنصب إمام للمسلمين، ثم يروي هذه الرواية 110 من الصحابة و 84 من التابعين (من عشرات الطرق) و 360 عالما من كبار علماء السنة، وإذا عرضت هذه الرواية على علماء السنة في هذا اليوم يستوحشون من سماعها لأنها لم تطرق أسماعهم ولأنهم قرأوا من كتبهم مواضيع خاصة، أو قرأوا وسمعوا ولكن إن قبلوا بها فان صرح بنائهم الفكري سيتلاشى برمته، ولا يبقى منه شئ يذكر وفي المقابل يروون ان رجلا واحدا سمع حديثا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في معركة خيبر، أو في وادي أوطاس، أو فتح مكة أو... في تحريم متعة النساء، وهذا الخبر مخالف لكتاب الله وسنة نبيه ولم تذكره كتب السير و... فيصبح كل اعتماد هؤلاء العلماء على هذا الخبر ولا يرويه من تلك الجموع المحتشدة الا شخص واحد، ثم يشاع هذا الخبر الموضوع مع إضافات بين الناس إلى درجة بحيث عندما يشاهد أحد السنة شيعيا (إن كان عالما أو غير عالم) يتبادر في ذهنه لأول وهلة متعة الشيعة التي سمع من العلماء أو قرأ في كتب السنة أنها سفاح! وعلى هذه فقس ما سواها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.