الحج وفرائضه، ومتدبرا في غاياته - ليفوز دونما شك بنتائج نفيسة. لقد انبسطت أمام المرء فرصة الإحرام والتلبية، وفرصة الطواف والصلاة، وفرصة السعي والهرولة، وفرصة الوقوف بعرفات والمشعر ومنى، وفرصة الرمي والتضحية، وفرصة ذكر الله... فكانت آفاقا مواجة بالروح والحياة، في كل هذه المراحل.
إن هذه الفرص، بمجموعها، يمكن أن تغدو لكل امرئ دورة تدريبية قصيرة المدى في الرياضة الروحية الشرعية، وفي البناء الداخلي للإنسان... لتكون منطلقا لتحول عميق في الأخلاق وفي السلوك الفردي لزائر بيت الله.
وهذه الغاية من غايات الحج هي دائما مما يعنى به عامة المسلمين، وخاصة أصحاب المراقبات الروحية. بيد أن المسألة المهمة التي غالبا ما يغفل عنها هي أن الأهداف الفردية جزء من غايات الحج، وأن الانتفاع بالكنوز العظيمة لهذه الفريضة الإلهية هو أرقى من الجهة الفردية، وأن ما في هذا المؤتمر العظيم من آثار ومنافع لعامة المسلمين - بل لأفراد البشر في العالم - هو أهم وأثمن من المنافع الفردية.
والنقطة الجديرة بالاهتمام هي أن القرآن الكريم - لدى بيانه حكمة الحج وغايته - يؤكد بالدرجة الأولى على أهداف الحج الاجتماعية وعلى آثاره ومنافعه للناس كافة.
إن غاية الكعبة وحكمة الحج - في نظر القرآن الكريم - تأمين منافع الناس ﴿جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس﴾ (1)، أي أن الحج حركة جماعية لحل المعضلات، وتأمين الحاجات، ولإنماء المجتمع البشري وتطويره.
والمسلمون، في مؤتمر الحج العظيم هذا، إنما يشهدون منافع لهم... كما يعبر