المسافة الدقيقة لهذه الحدود إلى جدار المسجد الحرام، عادا إياها بالذراع، فكان بينها وبين القياسات المذكورة آنفا بعض الاختلاف. وعلى سبيل المثال، يقول الفاسي في تحديد الحرم من جهة الطائف، عن طريق عرفة:
" من جدار باب بني شيبة إلى العلمين اللذين هما علامة لحد الحرم من جهة عرفة سبعة وثلاثون ألف ذراع وعشرة أذرع وسبعة أذرع، بذراع اليد " (1).
ولمعرفة حدود الحرم وتعيينها أهمية قصوى، إذ أن لها دخلا في كثير من الأحكام. وقد غدا تشخيص هذه الحدود ميسرا بوجود الأنصاب التي أقيمت علامات من كل الجهات.
وكان إبراهيم الخليل (عليه السلام) قد نصب الأنصاب من كل الجهات - ما عدا سمت جدة والجعرانة - بدلالة من جبرئيل (عليه السلام) الذي كان يريه مواضعها (2).
وجددها إسماعيل (عليه السلام)، وقصي بن كلاب، ورسول الله (صلى الله عليه وآله)... ثم تعاقب الحكام على تجديدها المرة بعد المرة (3).
ويدل البحث الميداني، في الوقت الحاضر، على أن هذه العلائم ما تزال قائمة. وهذه الأنصاب والحدود الستة إنما تعين حدود الحرم في الطرق المؤدية إليه، أما أنصاب وحدود الحرم كله فهي أكثر بكثير (4).