سماطين، فلبى بالحج مفردا، وساق الهدي ستا وستين أو أربعا وستين، حتى انتهى إلى مكة في سلخ أربع من ذي الحجة، فطاف بالبيت سبعة أشواط، وصلى ركعتين خلف مقام إبراهيم (عليه السلام)، ثم عاد إلى الحجر فاستلمه، وقد كان استلمه في أول طوافه.
ثم قال: إن الصفا والمروة من شعائر الله، فابدؤوا بما بدأ الله به.
وإن المسلمين كانوا يظنون أن السعي بين الصفا والمروة شيء صنعه المشركون، فأنزل الله تعالى: ﴿إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما﴾ (1). ثم أتى إلى الصفا، فصعد عليه فاستقبل الركن اليماني، فحمد الله وأثنى عليه، ودعا مقدار ما يقرأ سورة البقرة مترسلا، ثم انحدر إلى المروة، فوقف عليها كما وقف على الصفا، حتى فرغ من سعيه.
ثم أتاه جبرئيل (عليه السلام) وهو على المروة فأمره أن يأمر الناس أن يحلوا إلا سائق الهدي. فقال رجل: أنحل ولم نفرغ من مناسكنا؟ فقال: نعم.
قال [(عليه السلام)]: فلما وقف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالمروة بعد فراغه من السعي أقبل على الناس بوجهه فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن هذا جبرئيل - وأومى بيده إلى خلفه - يأمرني أن آمر من لم يسق هديا أن يحل، ولو استقبلت من أمري مثل ما استدبرت لصنعت مثل ما أمرتكم، ولكني سقت الهدي، ولا ينبغي لسائق الهدي أن يحل حتى يبلغ الهدي محله.
قال [(عليه السلام)]: قال له رجل من القوم: لنخرجن حجاجا وشعورنا تقطر! فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما إنك لن تؤمن بعدها أبدا. فقال له سراقة بن مالك ابن جعشم الكناني: يا رسول الله، علمنا ديننا كأنما خلقنا اليوم، فهذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أم لما يستقبل؟ فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): بل هو للأبد إلى يوم