الأراك (1) - فضرب قبته، وضرب الناس أخبيتهم عندها. فلما زالت الشمس خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه فرسه، وقد اغتسل وقطع التلبية حتى وقف بالمسجد، فوعظ الناس وأمرهم ونهاهم، ثم صلى الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين، ثم مضى إلى الموقف فوقف به، فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته يقفون إلى جنبها فنحاها، ففعلوا مثل ذلك، فقال: أيها الناس، إنه ليس موضع أخفاف ناقتي الموقف، ولكن هذا كله موقف - وأومى بيده إلى الموقف - فتفرق الناس. وفعل مثل ذلك بمزدلفة، فوقف حتى وقع القرص - قرص الشمس - ثم أفاض. وأمر الناس بالدعة حتى انتهى إلى المزدلفة - وهي المشعر الحرام - فصلى المغرب والعشاء الآخرة بأذان واحد وإقامتين، ثم أقام حتى صلى فيها الفجر، وعجل ضعفاء بني هاشم بالليل، وأمرهم أن لا يرموا الجمرة - جمرة العقبة - حتى تطلع الشمس، فلما أضاء له النهار أفاض حتى انتهى إلى منى، فرمى جمرة العقبة. وكان الهدي الذي جاء به رسول الله (صلى الله عليه وآله) أربعا وستين، أو ستا وستين (2)، وجاء علي (عليه السلام) بأربع وثلاثين، أو ست وثلاثين (3)، فنحر رسول الله (صلى الله عليه وآله) منها ستا وستين، ونحر علي (عليه السلام) أربعا وثلاثين بدنة، وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يؤخذ من كل بدنة منها جذوة من لحم، ثم تطرح في برمة (4) ثم تطبخ، فأكل رسول الله (صلى الله عليه وآله) منها وعلي (عليه السلام) وحسيا من مرقها، ولم يعط الجزارين جلودها ولا جلالها ولا قلائدها، وتصدق به. وحلق وزار البيت، ورجع إلى منى، فأقام بها حتى كان اليوم الثالث من آخر أيام التشريق، ثم رمى الجمار، ونفر حتى انتهى إلى الأبطح، فقالت له عائشة: يا رسول الله،
(٢٨٤)