والناظر في القرآن الكريم يجد فيه أن البراءة من المشركين أحد ركني التوحيد الأصيلين؛ حيث قرن دعوة الأنبياء إلى التبري من الطاغوت إلى جوار دعوتهم إلى عبادة الله ﴿ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت﴾ (1).
و " الطاغوت " لا ينحصر بالأوثان والأنصاب التي اصطنعت واتخذت في عصر الجاهلية، بل إن أجلى مظاهر الطاغوت هو تلك السلطات المشركة التي تسوق المجتمع إلى وجهة مغايرة لوجهة أنبياء الله تعالى. وهذا قول الصادق (عليه السلام) في بيان معنى الطاغوت في الآية السابعة عشرة من سورة الزمر: (والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها): من أطاع جبارا فقد عبده (2).
والمهمة الأساسية هو التعرف على المؤامرة المعقدة التي حيكت في تاريخ المسلمين للتستر على أجلى مظاهر الطاغوت والشرك، لئلا تشعر المجتمعات الإسلامية الخطر من هذه الناحية، فتظل نظرتها إلى البراءة من المشركين حبيسة في نطاق البراءة من أصنام عصر الجاهلية الأولى. وقد كشف الإمام الصادق (عليه السلام) - في عصره - عن هذه المؤامرة الخطرة، وأعلن بصوت جهير:
" إن بني أمية أطلقوا للناس تعليم الإيمان ولم يطلقوا تعليم الشرك؛ لكي إذا حملوهم عليه لم يعرفوه " (3).
3 - زمان البراءة من المشركين ومكانها مما لا ريب فيه أن البراءة من المشركين ليست محدودة بزمان أو مكان