قال: فحين دخلت الميقات نويت أنك بنية الزيارة؟ قال: لا، قال: فحين صليت الركعتين نويت أنك تقربت إلى الله بخير الأعمال من الصلاة وأكبر حسنات العباد؟ قال: لا، قال: فحين لبيت نويت أنك نطقت لله سبحانه بكل طاعة وصمت عن كل معصية؟ قال: لا، قال له (عليه السلام): ما دخلت الميقات، ولا صليت، ولا لبيت!
ثم قال له: أدخلت الحرم، ورأيت الكعبة، وصليت؟ قال: نعم، قال (عليه السلام): فحين دخلت الحرم نويت أنك حرمت على نفسك كل غيبة تستغيبها المسلمين من أهل ملة الإسلام؟ قال: لا، قال: فحين وصلت مكة نويت بقلبك أنك قصدت الله؟ قال: لا، قال (عليه السلام): فما دخلت الحرم، ولا رأيت الكعبة، ولا صليت!
ثم قال: طفت بالبيت، ومسست الأركان، وسعيت؟ قال: نعم، قال: فحين سعيت نويت أنك هربت إلى الله وعرف منك ذلك علام الغيوب؟ قال: لا، قال: فما طفت بالبيت، ولا مسست الأركان، ولا سعيت!
ثم قال له: صافحت الحجر، ووقفت بمقام إبراهيم (عليه السلام)، وصليت به ركعتين؟
قال: نعم، فصاح (عليه السلام) صيحة كاد يفارق الدنيا، ثم قال: آه آه - ثم قال (عليه السلام): - من صافح الحجر الأسود فقد صافح الله تعالى، فانظر يا مسكين لا تضيع أجر ما عظم حرمته، وتنقض المصافحة بالمخالفة وقبض الحرام نظير أهل الآثام. ثم قال (عليه السلام): نويت حين وقفت عند مقام إبراهيم (عليه السلام)، أنك وقفت على كل طاعة، وتخلفت عن كل معصية؟ قال: لا، قال: فحين صليت فيه ركعتين نويت أنك صليت بصلاة إبراهيم (عليه السلام) وأرغمت بصلاتك أنف الشيطان؟ قال: لا، قال له: فما صافحت الحجر الأسود، ولا وقفت عند المقام، ولا صليت فيه ركعتين!