عثورهم عليه، حيث إن بناء هم كان على أن لا يتكلموا من عند أنفسهم وبدون دليل معتبر موثوق به وأما إذا كان في المسألة دليل صالح لأن يستند إليه المجمعون فالاعتماد هناك عليه والاستناد إليه، وليس الاجماع شيئا ورائه، و اللازم حينئذ الاقبال والتوجه إلى هذا الدليل الذي يصلح للاستناد إليه ولو بالنسبة إلى بعض دون الآخرين.
والظاهر عندي أن مسئلتنا كذلك فإن الدليل على نجاستهم هو الآية الكريمة الظاهرة في نجاستهم، والروايات الشريفة الدالة على ذلك، غاية الأمر أن الخاصة وأصحاب الأئمة أخذوا بظاهر الآية وحكموا بالنجاسة العينية الذاتية كما أن الأئمة عليهم السلام أخذوا هذا المعنى من القرآن الشريف والآية الكريمة و نشروه وروجوه بأخبارهم فاتخذ الشيعة سبيلهم وسلكوا طريقهم وعلى منهاجهم.
وأما العامة فهم قالوا بالنجاسة الحكمية مؤولين الآية الكريمة عليها وهذا أيضا أثر سيئ من آثار انحرافهم عن معاهد أهل البيت وثمة تباعدهم عن ولاية أسرة رسول الله خزان علم الله ومهابط وحيه وتراجمة كتابه وينابيع أحكامه. أجل انحرفوا عنهم فصاروا يتيهون في كل واد ويسيرون خلف كل ناعق. وعلى الجملة فهذا كما ذكرنا تأويل منهم في الآية حيث إنها ظاهرة في النجاسة الذاتية، وفيما ذكره الشيخ الطوسي قدس سره: (إن الكفار نجس في الجملة) إشارة إلى ما ذكرناه فإن قوله: (في الجملة يعني إما ذاتا كما يقوله الشيعة وإما حكما كما جنح إليه العامة هذا وقد علمت مما ذكرنا أن استناد الأصحاب في الحكم بالنجاسة مطلقا إلى الآية الكريمة والروايات، فهم قد فهموا واستظهروا النجاسة، وأفتوا بها، وأجمعوا عليها، ولم يظهر بينهم طوال الأعصار الكثيرة والسنوات المتمادية خلاف يعبأ به، فالا عراض عن هذا النظر وغمض العين عن فتوى الأعلام والأجلة، والرغبة عن الحكم بالنجاسة في غاية الاشكال.