وأما ابن أبي عقيل فهو وإن كان يقول بطهارة سؤر الذمي، إلا أنه ليس ذلك لأجل كونه قائلا بالطهارة، بل إن فتواه بذلك ناشئة عما تحقق عنده من عدم انفعال الماء القليل بملاقات النجس، ومن نسب الخلاف إليه استفاد ذلك من تصريحه بطهارة سؤر الذمي، والحال أن افتاءه بطهارة سؤره مبني على اجتهاد خاص به في الماء القليل حيث إنه على خلاف كافة العلماء والأصحاب - القائلين بأن الماء القليل ينجس بملاقات النجاسة، وأن الكر لا يتنجس إلا إذا تغير أحد أوصافه الثلاثة بها - يقول إن الماء القليل أيضا مثل الكثير لا يتنجس بمجرد الملاقاة، وبعبارة أخرى أنه قائل بعدم انفعال القليل بالنجاسة، و سؤر الذمي طاهر عنده لذلك - بعد تخصيص السؤر بالماء 1 - فلا يدل افتاءه بذلك على طهارتهم أصلا.
بقي من هؤلاء الذين قد يدعي مخالفتهم للأصحاب ابن الجنيد الإسكافي. 2 والذي يسهل الخطب ويهون الأمر أنه مرمي بشذوذ القول والميل إلى القياس والافتاء غالبا على طبق مذهب العامة وقد شنعوا عليه في ذلك وصار