هكذا حكم الأصحاب - إلا شاذ منهم - بنجاسة أهل الكتاب أيضا مستندا إلى الكتاب ومستفادا من الآية الشريفة.
ولذا ترى أن المحقق قدس سره يقول في باب الأسئار من المعتبر ما حاصله أن الكفار قسمان: أحدهما أهل الكتاب ثانيهما غيره، مثل النواصب والخوارج والغلاة والمشركين وغيرهم. 1 وادعى عدم الخلاف في نجاسة الثاني، ولم يعترض عليه أحد، مع أن مخالفة الخوارج لأهل الحق ليست إلا في الولاية والخلافة، وهم لا يدعون في ناحية المبدء أو المعاد أو النبوة شيئا جديدا غير معهود من المسلمين، ولا أظن أن أحدا قال بطهارتهم بل ولا مال إليها فهل ترى ذلك إلا لأجل أن العلماء استفادوا واستظهروا من الآية نجاسة الكفار مطلقا نجاسة عينية ذاتية واعتمدوا في افتائهم هذا على الآية الشريفة.
وأما مخالفة شاذ منهم في نجاسة أهل الكتاب فهي لأجل أمور و استدلالات نذكرها فيما سيأتي ونجيب عنها إن شاء الله تعالى وقد ذكرنا أنهم أيضا مشركون حقيقة ولا أقل من كونهم كذلك تنزيلا وبعبارة أخرى إن منشأ حكم العلماء بنجاستهم بل ومنشأ كلمات الأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين وحكمهم بها هو القرآن الكريم، وهذه الآية الكريمة التي تنادي بنجاسة المشركين بأعيانهم، كما أن أقدم المفسرين ابن عباس يقول إن نجاستهم كنجاسة الكلب والخنزير 2 واعتقد بذلك الشيعة.