ذلك مثل إن مثريا أعطى فقيرا مالا وأمره بالتجارة لنفسه فهذا الآخذ بعد قبضه و أخذه المال المزبور يتجر لنفسه ولا يحتاج إلى المعطى أصلا، وعلى هذا فالله تعالى وإن كان قادرا إلا أن العبد أيضا قادر لا يحتاج إليه بعد ذلك، غاية الأمر أن الله قادر بذاته، والانسان قادر بالله سبحانه.
ولعل الذي حملهم على هذا الاعتقاد هو ما رأوه من القبائح والسوء و الفحشاء الصادرة من الانسان فزعموا أنه لو لم يقولوا بتفويض الأمور إلى العبد لزم نسبة تلك الذنوب والقبائح إليه تعالى فلأجل تنزيه الله عن ارتكاب الجرائم قالوا بأن الله فوض الأمور إلى العباد ولا دخل له سبحانه في أمورهم أصلا.
ومنها القول بتفويض أمر الخلق والرزق إلى بعض عباده كان يقال إن الله لما خلق الأرض فوض الأمر إلى النبي صلى الله عليه وآله فخلق هو صلى الله عليه وآله ما فيها أو أنه تعالى خلق محمدا صلى الله عليه وآله وفوض إليه أمر العالم فهو الخلاق للدنيا وما فيها.
وبطلان كلا القولين واضح لأن أزمة الأمور كلها بيد الله ولا غناء عنه لأحد أبدا ولا يملك العبد في الحقيقة شيئا والله تعالى خلق الخلق وهو مدبر عالم الوجود ومديره حدوثا وبقاءا ولولا عناية الله تعالى وإفاضة الفيوض الربانية لما بقي شئ، ولما استقام أمر.
وعلى الجملة فحياة الانسان وتصرفاته كلها منوطة بالله والخلق كلهم عياله وفي قبضته ومحتاجون إليه آنا فآنا. وله القدرة التامة والسلطنة الكاملة في كل آن من الآنات.
ولازم القول بالتفويض على كلا القسمين هو سلب القدرة عن الله تعالى و اخراجه عن سلطانه كما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: إنهم أرادوا أن