وكذلك القول بعصمة شخص أو أشخاص مثل النبي والأئمة فإنها أمر غير خارج عن طاقة الانسان في الجملة لأن الناس مختلفون في الاجتناب عن المعاصي ففرقة منهم يعصون الله كثيرا ومن كان كذلك فهو فاسق متهتك وفرقة لا يعصون الله إلا شاذا نادرا وأحيانا، ومن كان كذلك فهو العادل وثلة من الناس لا يعصون الله تعالى أبدا ولا يخرجون عن زي العبودية ومنهاج الطاعة حتى ولو في آن من الآنات وحين من الأحيان ومن كان كذلك فهو المعصوم وهذا المقام مقام العصمة وهي لطف خفي من الألطاف الإلهية العظيمة فاعتقادها في حق أحد لا يكون ضائرا أصلا.
وصفوة الكلام إنه بعد الاقرار بالتوحيد وشؤونه فاثبات صفة غير مختصة بالله تعالى لأحد من الناس سواء أكان واجدا لها كاثبات العصمة، أو العلم بخفايا الأمور، أو المعجزة، أو الشفاعة، أو كونه مستجاب الدعوة للأئمة عليهم السلام أو فاقدا لها وغير أهل لها كاثبات تلك المزايا لغير الأنبياء والأئمة، والاعتقاد في أحد بأزيد مما هو عليه وحقيق به، حتى مثل الاعتقاد بكون فرعون مستجاب الدعوة لا يوجب الكفر من هذه الجهة فإن القائل بهذه الأمور المثبت لها للأنبياء والأئمة فلا يقتضي قوله بها خللا في التوحيد حيث إنه يقول إنها ثابتة لهم بإذن الله ومشيته بعد امكان تحققها لغير الله تعالى.
وأما من أثبتها لغيرهم عليهم السلام فهو مجرد غلط صدر منه حيث إنه نسب أمورا - يمكن وقوعها من البشر وتحققها له - إلى من لم تكن له أهلية ذلك ومن هو فاقد لها.