بوجوب مقاتلته، فترى أنه تعالى يقول: " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " 1 فإنه قد حكم بقتال جميع هذه الأصناف ومن له هذه الأوصاف، فالأوصاف المذكورة كفر وهي أيضا شرك. والحكم بالنجاسة، والمنع من دخول المسجد، ووجوب المقاتلة، و غيرها أحكام مترتبة على الكفر.
وإن شئت زيادة توضيح وتأييد في المقام الفكر في ساير آيات هذه السورة وأمعن النظر في قوله تعالى فيها: " ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر... " 2 فقد ابتدأ بذكر المشركين ووصفهم بقوله: " شاهدين على أنفسهم بالكفر " فلو لم يكن المراد من المشرك هو الكافر لكان اللازم أن يقول: شاهدين على أنفسهم بالشرك، وعلى هذا فيستفاد منه إن السبب الوحيد في منع المشركين عن عمارة مساجد الله هو الكفر.
وانظر إلى قوله تعالى: " وقالت اليهود عزير ابن الله و قالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهون قول الذين كفروا قاتلهم الله أنى يؤفكون اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون " 3 فإن من المعلوم أن هؤلاء الذين ذمهم الله تعالى وعيرهم باتخاذ الأحبار والرهبان أربابا ولا مهم على ذلك لم يتخذوا الأحبار والرهبان شركاء لله في ذاته أو في خلقه بل اتخذوهم أربابا في العبادة نظير ما صدر عنهم في مورد المسيح و