ألا ترى أن الله تعالى يقول: " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار " 1 وعلى هذا فلا حاجة في ترتب الأحكام المذكورة إلى أزيد من الاقرار بتوحيد الله تعالى ورسالة محمد صلى الله عليه وآله، سواء كان مذعنا بذلك أم شاكا بل وإن كان معتقدا بخلاف ذلك كما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يعامل منافقي أصحابه معاملة المسلم المسلم، مع أنهم منافقون لم يؤمنوا بالله ولا برسوله، وكان شأنهم الحط من كرامة رسول الله، بنسبه ما لا يليق به إليه، والصاق أي نقيصة به، عند كل فرصة تسمح لهم، قال الله تعالى فيهم: " إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد أنك لرسول الله والله يعلم أنك لرسوله والله يشهد أن المنافقين لكاذبون " 2 فإذا حكم على من أقر بالشهادتين بطهارة البدن وجواز المناكحة وغير ذلك من الأحكام مع العلم بكذبه في اقراره فكيف بمن كان شاكا لم يحصل له يقين بعد.
نعم هذا الاسلام الذي لم يتجاوز عن إطار الاقرار لا ينفع في الآخرة شيئا ولا يوجب أجرا ولا ثوابا ولا يعتبر زادا للعبد ليوم معاده وحاجزا له عن عذاب الله تعالى، وللآخرة حساب آخر.
ولو لم يقر بالشهادتين لم يترتب ولم يجر عليه شئ من تلك الأحكام سواء كان معاندا أخذت العصبية العمياء بعنانه وقياده، أو كان مستضعفا لا يستطيع التحقيق، غاية الأمر أن الثاني لا يعاقب عند الله تعالى، بينا يستحق الأول العذاب الأليم والعقوبة الدائمة.
وأما القسم الثاني: أي الايمان الواقعي فهو الدين الذي ارتضاه الله للناس