وعلى هذا فالكافر قسمان:
أحدهما: الخارج عن حد الاسلام من رأس.
ثانيهما: من انتسب إلى الاسلام وأقر بالشهادتين لكن أتى بشئ يكذب انتحاله وهو انكاره ما كان ضروريا في الدين فإن انكار ما كان من الدين بالضرورة تكذيب لشهادته بالرسالة وإلا فمن شهد أن محمدا صلى الله عليه وآله خاتم النبيين، ومرسل من الله تعالى إلى الخلق أجمعين، وأنه " ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى " 1 فكيف ينكر شيئا ثبت أنه مما جاء به قطعا - حيث إنه من الضروريات - وهو عالم بذلك؟ وأما الملاك والمعيار في كون شئ ضروريا فسنبحث فيه مستقلا إن شاء الله تعالى كما أن البحث في كون الإمامة التي هي من المسائل المهمة العريقة في الاسلام هل هي من الضروري ليكون انكارها انكارا للضروري ويلزم رد النصوص الواردة في أمير المؤمنين عليه السلام كما ذهب إليه صاحب الحدائق أو أنها ليست من الضروريات بأن يقال إن هذا البحث من الأبحاث الحادثة بعد زمن النبي والنصوص الواردة فيها ليست متواترة فهذا البحث بحث موضوعي لا حكمي نظير البحث في أنه لماذا اقتصر العلماء في مقام المثال للكافر على ذكر منكر التوحيد أو الرسالة ولم يذكروا المعاد مع ذكره في القرآن الكريم مرارا قرينا بالايمان بالله وهو ضروري من ضروريات الاسلام بل من ضروريات الأديان السماوية كلها فمنكره منكر لكل الأديان إلى غير ذلك من أمثال هذه المباحث فهي موكولة إلى مقام آخر وهو البحث في تعيين الموضوع ولعلنا نبحث فيها أو في بعضها إن شاء الله تعالى.
ثم إن في عبارة المحقق المذكورة آنفا نوع اجمال فإنه عند بيان الضابط الكلي للكفر قال: ضابطه من خرج عن الاسلام الخ.