ويحكم باسلامهم وهذا هو الدليل القاطع والبرهان القوي الدال على أن تمام الملاك في تحقق الاسلام وترتب أحكامه هو الاقرار وإن علم أنه شاك بل وإن علم أنه غير معتقد أصلا كالمنافق المظهر للاسلام والمبطن للكفر.
وعلى هذا فالبالغ العاقل غير المستضعف لو لم يقر بالشهادتين لا يكون مسلما، ولذا يلقن ولد الكافر عند بلوغه الشهادتين فإن أقر واعترف فهو مسلم و إلا فيحكم بكفره.
وأما عدم لزوم تلقين ولد المسلم عند البلوغ أو التميز، والحكم باسلامه بلا توقف على الاقرار، فهو لأجل وجود الأمارة الظاهرة في كونه مسلما فإنه نشأ و نمى في محيط ديني وبيئة طيبة وربى في جو الاسلام وعند أبوين مسلمين ومنذ خرج من بطن أمه وفتح عينيه لم ير ولم يشاهد إلا المناظر الاسلامية ولم يقرع سمعه إلا أصوات قراء القرآن ونغمات المؤذنين بالأذان.
واهتمام المسلمين ولا سيما الشيعة الموالين لآل الرسول بتربية أولادهم والمواظبة على حالهم ليتعلموا معالم دينهم ويتأدبوا بآداب الاسلام أمر لا يحتاج إلى البيان، لأنه بمكان من الوضوح والعيان فهذا هو الرجل الشيعي يرى ولده يقع على الأرض أو يسقط من شاهق أو من مكان عال أو يراه يريد أن يقوم من موضعه ومقامه فيلقنه الاستمداد من الله تعالى ومن أوليائه ويعلمه التوجه إلى المبادئ العالية ويقول له: ولدى قل: يا الله، أو قل يا علي، وأمثال تلك التلقينات الطيبة فإذا تعلم الصبي من والديه الاستنصار من الله تعالى والاستشفاع إليه من الأولياء، والأئمة الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين فلا بد من كونه مقرا بالشهادتين و مذعنا معتقدا بهما وعارفا بالله ورسوله بل خلاف ذلك كاد أن يكون محالا عاديا.
وهذا بخلاف ولد الكافر الذي نشئ على الكفر والضلال، والمفاهيم