المضل وعميل الأجانب قد أضله وأغواه، فهل يحكم بنجاسته حينئذ أو هو بعد طاهر تبعا لأبويه المسلمين؟.
أقول: أما الفرض الأول: فالظاهر شمول الأدلة الشارحة لحقيقة الاسلام له، فإن مفادها إن كل انسان أعلن الشهادتين: الشهادة لله تعالى بالتوحيد وللنبي محمد صلى الله عليه وآله بالرسالة - واعتقد بالله، وبالنبوات، والمعاد، و غيرها من المعتقدات الاسلامية، فهو مسلم، وليس البلوغ شرطا في الاسلام، و ربما يكون غير البالغ أكثر تميزا وأشد اعتقادا وأقوى ايمانا من كثير من البالغين و قد يكون الصبي رشيدا كامل العقل متمكنا من الاستدلال على مبادئه ومعتقداته بنحو لا يتمكن منه إلا الخواص.
ويدل على عدم اشتراط الاسلام بالبلوغ اسلام الإمام علي عليه السلام فإنه كان أقدم الصحابة اسلاما، وأسبقهم ايمانا، وكان له من العمر حين نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وآله أحد عشر سنة أو اثنا عشر أو ثلاثة عشر سنة فأسلم ولم يبلغ الحلم على ما قيل - وإن كان ذلك لا يخلو عن المناقشة - وبالجملة فهذا الصبي قد أقر بالشهادتين، واعتنق الاسلام، واتخذه دينا له ونبراسا لحياته، فلماذا لم يحكم عليه بحكم الاسلام بعد عدم اشتراط البلوغ، و أي نقص يتصور في اسلامه؟
وأما الفرض الثاني: أعني ولد المسلم الذي انحرف وتأثر بعقائد أهل الضلال، ونفذت فيه الأفكار العليلة، التي ركزها فيه تزريق السفسطيين أو الملحدين، حتى أنكر وجود الصانع تعالى، أو وحدانيته، أو رسالة محمد رسول الاسلام صلى الله عليه وآله، أو المعاد، وأشباه ذلك، من ضروريات الاسلام، عن عقل وادراك، وشعور وتميز، فهذا يصدق عليه أنه كافر، ويحكم عليه بالنجاسة.