إلا أنه يرد عليه أن الظاهر من (عمد الصبي خطأ) كونه في مقام الامتنان و مقتضاه رفع خصوص ما كان في رفعه امتنان دون ما لا يكون كذلك، فكل ما كان في رفعه منة فهو مرفوع فأخذ الصبي بقوله وبيعه، والزامه على ذلك، خلاف الامتنان، ويأتي في تلك الموارد عمد الصبي خطأ، ويحكم مثلا بعدم صحة عقده، ويقال إن قول الصبي: (بعت) كقول الساهي، فإن هذا هو مقتضى الارفاق والامتنان من الله تعالى عليه، حيث إن نوع أفعاله وتصرفاته على خلاف المصلحة، وهكذا لا تترتب عليه أحكام الحدود، والقصاص، فلا تكليف ولا الزام عليه، لأن لسان رفع القلم رفع المؤاخذة امتنانا.
وهذا هو السبب في انصرافه عما إذا أقر بالشهادتين، فإنه يترتب عليه الأحكام ويؤثر اقراره واعترافه، ويخرج به عن تبعية الأبوين الكافرين ويكون طاهرا.
نعم قصارى ما يكن أن يقال هنا أنه يشمل ما إذا أقر بالكفر، أو قال بكلمة الردة، فيقال إن عمده في ذلك كالخطأ فيه، فلا يعبأ بقوله هذا، وهو بعد باق على تبعيته للوالد المسلم على ما هو مقتضى الامتنان.
وأما عدم قبول الاقرار بالشهادتين من الصبي فلا يقتضيه الامتنان بل هو خلافه.
لوضوح البحث نمثل مثالا فنقول: لو شتمنا صبي فمقتضى الامتنان وإن عمد الصبي خطأ هو عدم الاعتناء بشتمه، وأن لا نرتب عليه أثرا، وأما لو سلم علينا فلا يصح أن يقال إنه لا يجب رد سلامه، تمسكا بعمد الصبي خطأ، بل يجب علينا بمقتضى قول الله تعالى: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) 1 رد سلامه، فهو كغيره وإن لم يكن عليه التسليم بل ولا يجب عليه رد السلام إذا