الأبحاث وأوائل الكتاب فهناك يحكم على المجنون في فرض بحثنا بالطهارة فإنه انسان غير الكافر والحكم بالنجاسة مختص بالكافر.
أما لو لم يكن الأمر كذلك ولم تكن الآية متعرضة لغير المشرك أو الكافر و لم تكن بصدد الحكم بطهارة من عداه بل كانت متعرضة له وحده ساكتة عما عداه وغير متعرضة بالنسبة إلى ما وراء ذلك فلا دليل على نجاسة المورد المفروض ولا على طهارته فيشك، ولا محالة يجري الاستصحاب فيحكم ببقاء الحالة السابقة على الجنون.
وأما الفرض الثالث: وهو أن يبلغ ثم يسلم ثم يجن فلا اشكال هنا في طهارته وإن فرضنا عدم صدق المسلم عليه وعدم وتحقق الاسلام في هذه الحالة وبعبارة أخرى أنه محكوم بالطهارة وإن قلنا بطهارة المسلم بما هو مسلم وبما هو متصف بصفة الاسلام، والمجنون حال جنونه ليس بمسلم ولا متصفا بالاسلام وعلى الجملة فنقول بطهارته حيث لم يدل على نجاسته دليل ولا شك في كونه طاهرا ذاتا قبل جنونه فيستصحب طهارته.
وأما الفرض الرابع: وهو ما إذا جن في فسحة النظر، وبعبارة أخرى كان من ابتداء بلوغه وتكليفه بصدد التحقيق في الأديان والتنقيب في الشرايع لتشخيص ما هو الحق منها فشرع في التفكر والدقة والنظر فصار مجنونا فلا تشمله أدلة التبعية لكونه بالغا ولا الكفر حيث إنه مجنون ولكن يحكم عليه بعين الحكم الذي كان يترتب عليه في حال صحة عقله من النجاسة والطهارة و الظاهر أنه كان طاهرا وبحكم المسلم في تلك الحال لعدم تبعيته لهم أو اعتناقه لعقيدتهم، هذا كاف في الحكم بالطهارة بناءا على أن المستفاد من الآية الشريفة هو حصر النجس من أفراد الانسان في من ثبت كفره، وعلى الجملة فهنا يستصحب حكم حال صحوه ولا تصل النوبة إلى التمسك بأصالة الطهارة كما