بعد أيام فقال لي: يا أنس، اخرج وادع لي أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبد الرحمان بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة والزبير، وبعدة من الأنصار، قال: فدعوتهم فلمّا اجتمعوا عنده صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم واخذوا مجالسهم وكان علي غائباً في حاجة النبي فقال النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم:
الحمد للَّه المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع بسلطانه، المرهوب من عذابه وسطواته، النافذ أمره في سمائه وأرضه الذي خلق الخلق بقدرته وميّزهم بأحكامه وأعزّهم بدينه واكرمهم بنبيه محمّد، انّ اللَّه تبارك اسمه وتعالت عظمته جعل المصاهرة سبباً لاحقاً وأمراً مفترضاً، أوشج به الأرحام والزم الأنام، فقال عزّ من قائل:«وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً» فأمر اللَّه تعالى يجري إلى قضائه وقضاؤه يجري إلى قدره ولكل قضاء قدر ولكلّ قدر أجل ولكل أجل كتاب «يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ».
ثم انّ اللَّه عزّوجل أمرني أن أزوّج فاطمة بنت خديجة من علي بن أبي طالب، فاشهدوا أنّي قد زوجته على أربعمائة مثقال فضّة ان رضي بذلك علي ابن أبي طالب، ثمّ دعا بطبق من بسر فوضعه بين أيدينا ثمّ قال: انهبوا فنهبنا، فبينا نحن ننتهب اذ دخل علي على النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم فتبسّم النبي في وجهه ثم قال: ان اللَّه أمرني أن أزوّجك فاطمة على اربعمائة مثقال فضّة ان رضيت بذلك، فقال: قد رضيت بذلك يا رسول اللَّه، قال أنس: فقال النّبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم جمع اللَّه شملكما واسعد جدّكما وبارك عليكما وأخرج منكما كثيراً طيباً» «1».
روى الوصابي باسناده عن أنس، قال: «بينما رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله