بل بذاتها وهو الأوجه وإلا لما ألف المنافى كالاستحمام بالبارد ثم بالسخن منه. وبنقسم سوء المزاج إلى خاص بعضو وإلى عام فالأول الحار كالصداع والثاني الدق وكذا البارد كبرد الأصابع والجمود المطلق والرطب كترهل الوجه ومطلق البدن واليابس كتشنج عضو والذبول وكذا المادي لأنه عبارة عن كون المرض عن خلط قام من أحد الأربعة وهذا مبنى على ما تقدم وما سيأتي في التشريح من كون الأمزجة تسعة (وأسبابها) إما من داخل كالعفونة للحمى واستفراغ ضده أو من خارج كحركة بدن أو نفس أو مجاورة حار كالشمس أو أخذ نحو فلفل وكذا الحكم في باقي الكيفيات ومما يوجب التذبير الشبع المفرط لغمره الحرارة والجوع لقوة التحليل ومثله الحركة العنيفة والسكون المفرط وقد تصدر الأضداد عن واحد كالتكليف لكن باعتبارين مثلا فاقصر وإن اتحد الأصل فلا يرد جواز صدور التكسر عن واحد فاعرفه. وأما المادي فتزيد أسبابه على ما ذكر قوة الدافع وضعف القابل وسعة المجرى فيكثر الصب والعكس وتسفل عضو فيسهل الانصباب وضعف الهاضمة وقطع عضو فتتوفر مواده وترك عادة استفراغ. والثاني: ويسمى المركب وأجناسه أربعة: الأول مرض الخلقة ويكون ذاتيا في الشكل كتغير العضو عن شكله الطبيعي كتسفط الدماغ أوفى التجويف كأن يتسع المجرى أو يضيق أو يفسد أصلا أو يخلو كذلك أوفى المجارى كذلك والفرق بين التجويف والمجرى أن الأول لابد أن يكون حاويا لشئ كمخ العظم مثلا بخلاف المجرى أو في السطح كخشونة ما شأنه الملاسة كالمرئ والعكس كالمعدة (وسبب الأول) إما قبل الولادة لضعف القوة المصورة وفساد المادة في الكم أو الكيف كاستقصاء السابق على التمدد وزيادة الكم فيكبر الصغير أو وقت الولادة كخروجه غير طبيعي ليبس مثلا وقد عرفت ذلك أو بعدها مثل اختلال في القمط ومشى قبل اشتداد العضو أو ضربة أو لفساد العصابة أو لخطأ في الجبر من قبل الطبيب أو المريض كأن يحركه قبل اشتداده وسبب الثاني والثالث انضغاط بضيق أو شد وقوة الماسكة وضعف الدافعة أو غلبة البرد واليبس أو أخذ قابض أو مفتح أو وقوع شئ غريب أو اندمال قرح أو أخذ مجبن كالحامض أو مملس كالصموغ والألعبة وهذا سبب الرابع أيضا وما أوجب الضيق أوجب عكسه العكس فافهمه وقد تكون أمراض السطح من سبب داخل كانصباب حريف بخشن والعكس.
والثاني: مرض الغدد فتكون إما بالزيادة الطبيعية كأصبع زائدة على النظم الأصلي أو غير طبيعي كأصبع في ظهر الكف (وسببه) توفر المادة وقوة المصورة فإن كانت طبيعية كانت الزيادة كذلك وإلا فلا أو بالنقص كذلك وسببه عكس الأول. والثالث مرض المقدار وهو إما عظم طبيعي كالسمن المناسب ونتوء الأعضاء وهذا إن كان جبليا فسببه كزيادة الغدد وإلا فتوفر الأغذية أو غير طبيعي وسببه قبلب الولادة كالزيادة الغددية غير الطبيعية أو نقص كصغر العين أو عدمها مثلا وأسباب هذا أولا كأسباب النقص في الغدد وقد يكون النقص في الجنين من خارج كقطع وحرق.
الرابع مرض الموضع ويكون إما فسادا في العضو كاعوجاج عضو مثلا أو في اثنين مشتركين وحينئذ إما أن يمنع أحدهما عن الحركة إلى الجار أو عنه والسبب تحجر المادة في المفصل أو كونها أكالة فرقت الاتصال أو التحام فرج سبق الخطأ في علاجه وقد تكون هذه أيضا جبلية فتكون أسبابها اليبس أو كان قد سكن المتحرك أو الرطوبة كخروج الفخذ من محله لشلالة الأربطة وقد يكون ذلك عن سبب خارج كخطأ في جبر أو حركة عنيفة [مزاج] لا شك أن المزاج في معرض التغير وإن التزم قوانين الصحة عسر جدا فلم يبق إلا النظر في تدارك ما به الخروج عن الصحة فإن كان قد أوجب مرضا فتقدم الكلام عليه في الأمراض أو عرضا يسيرا، فإما أن يريد صاحبه